فإن قال قائل: فقد رويتم عن عائشة ﵂ في أول هذا الباب خلاف هذا، فرويتم عن القاسم، عن عائشة ﵂ أنّ رسول الله ﷺ أفرد الحج، ورويتم عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، عن عروة، عن عائشة ﵂ قالت: خرجنا مع رسول الله ﷺ عام حجة الوداع، فمنّا من أهلّ بعمرة، ومنّا من أهلّ بحجة وعمرة، ومنّا من أهلَّ بالحج، وأهل رسولُ الله ﷺ بالحج، ورويتم عن أم علقمة، عن عائشة ﵂"أن رسول الله ﷺ عام حجة الوداع، أفرد الحج ولم يعتمر".
قيل له: يجوز أن يكون هذا على معنى لا يخالف معنى ما روى الزهري، عن عروة، عن عائشة ﵂، وذلك أنه قد يجوز أن يكون الإفراد الذي ذكره القاسم، عن عائشة، إنما أرادت به إفراد الحج في وقت ما أحرم به، وإن كان قد أحرم بعد خروجه منه بعمرة فأرادت أنّه لم يخلطه في وقت إحرامه به بإحرام بعمرة كما فعل غيره ممّن كان معه
وأما حديث محمد بن عبد الرحمن، عن عروة، عن عائشة ﵂ فإنها أخبرت أن منهم مَنْ أهلّ بعمرة لا حجة معها، ومنهم من أهلّ بحجة وعمرة، تعني مقرونتين، ومنهم من أهلّ بالحج ولم يذكر في ذلك التمتع، فقد يجوز أن يكون الذين قد كانوا أحرموا بالعمرة، أحرموا بعدها بحجة ليس حديثها هذا ينفي من ذلك شيئا، وإنها قالت: وأهلَّ رسول الله ﷺ بالحج مفردًا.