. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
الرّابِطُ بَيْنَ الْمَعْنَيَيْنِ حَتّى يَلْتَئِمَا فِي قَانُونِ الْبَلَاغَةِ وَيَتَشَاكَلَا فِي حُكْمِ الْفَصَاحَةِ؟ قُلْنَا: مِنْ صِفَتِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ حِينَ قَالَ: "أَنَا النّذِيرُ الْعُرْيَانُ" وَهُوَ مَثَلٌ مَعْرُوفٌ عِنْدَ الْعَرَبِ، يُقَالُ لِمَنْ أَنْذَرَ بِقُرْبِ الْعَدُوّ وَبَالَغَ فِي الْإِنْذَارِ وَهُوَ النّذِيرُ الْعُرْيَانُ وَذَلِكَ أَنّ النّذِيرَ الْجَادّ يُجَرّدُ ثَوْبَهُ وَيُشِيرُ بِهِ إذَا خَافَ أَنْ يَسْبِقَ الْعَدُوّ صَوْتَهُ وَقَدْ قِيلَ إنّ أَصْلَ الْمَثَلِ لِرَجُلِ مِنْ خَثْعَمَ سَلَبَهُ الْعَدُوّ ثَوْبَهُ وَقَطَعُوا يَدَهُ فَانْطَلَقَ إلَى قَوْمِهِ نَذِيرًا عَلَى تِلْكَ الْحَالِ فَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السّلَامُ "أَنَا النّذِيرُ الْعُرْيَان" أَيْ مَثَلِي مِثْلُ ذَلِكَ وَالتّدَثّرُ بِالثّيَابِ مُضَادّ لِلتّعَرّي، فَكَانَ فِي قَوْلِهِ {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} [الْمُدّثّرُ: ١] مَعَ قَوْلِهِ {قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر: ٢] وَالنّذِيرُ الْجَادّ يُسَمّى: الْعُرْيَانُ تَشَاكُلٌ بَيّنٌ وَالْتِئَامٌ بَدِيعٌ وَسَمَاقَةٌ فِي الْمَعْنَى، وَجَزَالَةٌ فِي اللّفْظِ.
تَقْدِيمُ الْمَفْعُولِ عَلَى الْفِعْلِ:
وَقَوْلُهُ بَعْدَ هَذَا: {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر: ٣] أَيْ رَبّك كَبّرْ لَا غَيْرَهُ لَا يَكْبُرُ عَلَيْك شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الْخَلْقِ وَفِي تَقْدِيمِ الْمَفْعُولِ عَلَى فِعْلِ الْأَمْرِ إخْلَاصٌ وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الْفَاتِحَة: ٥] أَيْ لَا نَعْبُدُ غَيْرَك [وَلَا نَسْتَعِينُ إلّا بِك] ، وَلَمْ يَقُلْ نَعْبُدُك وَنَسْتَعِينُك، وَفِي الْحَدِيثِ "إذَا قَالَ الْعَبْدُ {إِيّاكَ نَعْبُدُ وَإِيّاكَ نَسْتَعِينُ} يَقُولُ اللهُ تَعَالَى: أَخْلَصَ لِي عَبْدِي الْعِبَادَةَ وَاسْتَعَانَنِي عَلَيْهَا، فَهَذِهِ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي"
عُتْبَةُ بْنُ رَبِيعَةَ وَالرّئِيّ:
فَصْلٌ وَذَكَرَ قَوْلَ عُتْبَةَ إنْ كَانَ هَذَا رئيا تَرَاهُ. وَلُغَةُ بَنِي تَمِيمٍ رِئِيّ بِكَسْرِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute