الّذِي قَالَ لِي بِمَكّةَ مَا قَالَ. قَالَ فَلَمّا خَرَجَ الْخَبَرُ إلَيْهِمَا بِذَلِكَ وَمَعَ أَبِي سُفْيَانَ بُنَيّ لَهُ. فَقَالَ وَاَللهِ لَيَأْذَنَن لِي أَوْ لَآخُذَن بِيَدِيّ بُنَيّ هَذَا، ثُمّ لَنَذْهَبَنّ فِي الْأَرْضِ حَتّى نَمُوتَ عَطَشًا وَجَوْعًا، فَلَمّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَقّ لَهُمَا، ثُمّ أَذِنَ لَهُمَا، فَدَخَلَا عَلَيْهِ فَأَسْلَمَا وَأَنْشَدَ أَبُو سُفْيَانَ بْنُ الْحَارِثِ قَوْلَهُ فِي إسْلَامِهِ وَاعْتَذَرَ إلَيْهِ مِمّا كَانَ مَضَى مِنْهُ فَقَالَ:
شعر أبي سُفْيَان فِي الِاعْتِذَار عَمَّا كَانَ فِيهِ قبل إِسْلَامه
لَعَمْرُك إنّي يَوْمَ أَحْمِلُ رَايَةً ... لِتَغْلِبَ خَيْلُ اللّاتِي خَيْلَ مُحَمّدِ
لَكَالْمُدْلِجِ الْحَيْرَانِ أَظْلَمَ لَيْلُهُ ... فَهَذَا أَوَانِي حِينَ أُهْدِي وَأَهْتَدِي
هَدَانِي هَادٍ غَيْرُ نَفْسِي وَنَالَنِي ... مَعَ اللهِ مَنْ طَرّدْتُ كُلّ مُطَرّدِ
أَصُدّ وَأَنْأَى جَاهِدًا عَنْ مُحَمّدٍ ... وَأُدْعَى وَإِنْ لَمْ أَنْتَسِبْ مِنْ مُحَمّدِ
هُمْ مَا هُمْ مَنْ لَمْ يَقُلْ بِهَوَاهُمْ ... وَإِنْ كَانَ ذَا رَأْيٍ يُلَمْ وَيُفَنّدْ
ــ
عَنْ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ وَابْنِهِ وَقَصِيدَتِهِ
وَقَوْلُ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ الْحَارِثِ أَوْ لَآخُذَن بِيَدِ بُنَيّ هَذَا، ثُمّ لَنَذْهَبَنّ فِي الْأَرْضِ. لَمْ يَذْكُرْ ابْنُ إسْحَاقَ اسْمَ ابْنِهِ ذَلِكَ وَلَعَلّهُ أَنْ يَكُونَ جَعْفَرًا، فَقَدْ كَانَ إذْ ذَاكَ غُلَامًا مُدْرِكًا، وَشَهِدَ مَعَ أَبِيهِ حُنَيْنًا، وَمَاتَ فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ وَلَا عَقِبَ لَهُ.
وَذَكَرَ الزّبَيْرَ لِأَبِي سُفْيَانَ وَلِذَا يُكَنّى أَبَا الْهِيَاجِ فِي حَدِيثٍ ذَكَرَهُ لَا أَدْرِي: أَهُوَ جَعْفَرٌ أَمْ غَيْرُهُ وَمَاتَ أَبُو سُفْيَانَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَقَالَ عِنْدَ مَوْتِهِ لَا تَبْكُنّ عَلَيّ فَإِنّي لَمْ أَنْتَطِفْ بِخَطِيئَةِ مُنْذُ أَسْلَمْت، وَمَاتَ مِنْ ثُؤْلُولٍ حَلَقَهُ الْحَلّاقُ فِي حَجّ فَقَطَعَهُ مَعَ الشّعْرِ فَنَزَفَ مِنْهُ وَقِيلَ فِي اسْمِ أَبِي سُفْيَانَ الْمُغِيرَةُ وَقِيلَ بَلْ الْمُغِيرَةُ أَخُوهُ قَالَ الْقُتَبِيّ: إخْوَتُهُ الْمُغِيرَةُ وَنَوْفَلٌ وَعَبْدُ شَمْسٍ وَرَبِيعَةُ بَنُو الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطّلِبِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute