للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي حُمَيْدٌ الطّوِيلُ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ سَمِعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ جَوْفِ اللّيْلِ وَهُوَ يَقُولُ "يَا أَهْلَ الْقَلِيبِ، يَا عُتْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ وَيَا شَيْبَةَ بْنَ رَبِيعَةَ، وَيَا أُمَيّةَ بْنَ خَلَفٍ، وَيَا أَبَا جَهْلِ بْنَ هِشَامٍ، فَعَدَدُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ فِي الْقَلِيبِ: "هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبّكُمْ حَقّا فَإِنّي قَدْ وَجَدْت مَا وَعَدَنِي رَبّي حَقّا"؟ فَقَالَ الْمُسْلِمُونَ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُنَادِي قَوْمًا قَدْ جَيّفُوا؟ قَالَ "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ وَلَكِنّهُمْ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُجِيبُونِي"

قَالَ ابْنُ إسْحَاقَ: وَحَدّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ

ــ

وَذَكَرَ إنْكَارَ عَائِشَةَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ السّلَامُ قَالَ لَقَدْ سَمِعُوا مَا قُلْت، قَالَتْ وَإِنّمَا قَالَ "لَقَدْ عَلِمُوا أَنّ الّذِي كُنْت أَقُولُ حَقّ" قَالَ الْمُؤَلّفُ وَعَائِشَةُ لَمْ تَحْضُرْ وَغَيْرُهَا مِمّنْ حَضَرَ أَحْفَظُ لِلَفْظِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ وَقَدْ قَالُوا لَهُ يَا رَسُولَ اللهِ أَتُخَاطِبُ قَوْمًا قَدْ جَيّفُوا أَوْ أُجِيفُوا، فَقَالَ "مَا أَنْتُمْ بِأَسْمَعَ لِمَا أَقُولُ مِنْهُمْ" وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونُوا فِي تِلْكَ الْحَالِ عَالِمَيْنِ جَازَ أَنْ يَكُونُوا سَامِعَيْنِ إمّا بِآذَانِ رُءُوسِهِمْ إذَا قُلْنَا: إنّ الرّوحَ يُعَادُ إلَى الْجَسَدِ أَوْ إلَى بَعْضِ الْجَسَدِ عِنْدَ الْمُسَاءَلَةِ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِينَ مِنْ أَهْلِ السّنّةِ وَإِمّا بِإِذْنِ الْقَلْبِ أَوْ الرّوحِ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ بِتَوَجّهِ السّؤَالَ إلَى الرّوحِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ مَعَهُ إلَى الْجَسَدِ أَوْ إلَى بَعْضِهِ وَقَدْ رُوِيَ أَنّ عَائِشَةَ احْتَجّتْ بِقَوْلِ اللهِ سُبْحَانَهُ {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ} [فاطر:٢٢] وَهَذِهِ الْآيَةُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصّمّ أَوْ تَهْدِي الْعُمْيَ} [الزخرف:٤٠] أَيْ إنّ اللهَ هُوَ الّذِي يُهْدِي وَيُوَفّقُ وَيُوصِلُ الْمَوْعِظَةَ إلَى آذَانِ الْقُلُوبِ لَا أَنْتَ وَجَعَلَ الْكُفّارَ أَمْوَاتًا وَصُمّا عَلَى جِهَةِ التّشْبِيهِ بِالْأَمْوَاتِ وَبِالصّمّ فَاَللهُ هُوَ الّذِي يَسْمَعُهُمْ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذَا شَاءَ لَا نَبِيّهُ وَلَا أَحَدٌ، فَإِذَا لَا تَعَلّقَ بِالْآيَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا: أَنّهَا إنّمَا نَزَلَتْ فِي دُعَاءِ الْكُفّارِ إلَى الْإِيمَانِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>