للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَدِيثٌ بَيْنَ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِهِ عَبْدِ الرّحْمَنِ يَوْمَ بَدْرٍ

قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَنَادَى أَبُو بَكْرٍ الصّدّيقُ ابْنَهُ عَبْدَ الرّحْمَنِ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مَعَ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ أَيْنَ مَالِي يَا خَبِيثُ؟ فَقَالَ عَبْدُ الرّحْمَنِ:

لَمْ يَبْقَ غَيْرُ شِكّةَ ويَعْبُوبْ ... وَصَارِمٌ يَقْتُلُ ضُلّالَ الشّيبْ

فِيمَا ذُكِرَ لِي عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ مُحَمّدٍ الدّراوَرْديّ.

ــ

لَهُ سَبَقَك بِهَا عُكّاشَةُ كَانَ مُنَافِقًا، وَلِذَلِكَ لَمْ يَدْعُ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الْمُؤَلّفُ وَهَذَا لَا يَصِحّ; لِأَنّ فِي مُسْنَدِ الْبَزّارِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ فَقَامَ رَجُلٌ مِنْ خِيَارِ الْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ اُدْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَهُمْ قَالَ ابْنُ بَطّالٍ مَعْنَى قَوْلِهِ سَبَقَك بِهَا عُكّاشَةُ أَيْ سَبَقَك بِهَذِهِ الصّفَةِ الّتِي هِيَ صِفَةُ السّبْعِينَ أَلْفًا، تَرْكُ التّطَيّرِ وَنَحْوِهِ وَلَمْ يَقُلْ لَسْت مِنْهُمْ وَلَا عَلَى أَخْلَاقِهِمْ بِحُسْنِ أَدَبِهِ عَلَيْهِ السّلَامُ وَتَلَطّفِهِ فِي الْكَلَامِ [و] لَا سِيّمَا مَعَ أَصْحَابِهِ الْكِرَامِ.

قَالَ الْمُؤَلّفُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - وَاَلّذِي عِنْدِي فِي هَذَا أَنّهَا كَانَتْ سَاعَةَ إجَابَةٍ عَلِمَهَا عَلَيْهِ السّلَامُ فَلَمّا انْقَضَتْ قَالَ لِلرّجُلِ مَا قَالَ يُبَيّنُ هَذَا حَدِيثُ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيّ، فَإِنّهُ قَالَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِ عُكّاشَةَ، فَقَامَ رَجُلٌ آخَرُ فَقَالَ اُدْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مِنْهُمْ فَقَالَ "اللهُمّ اجْعَلْهُ مِنْهُمْ" ثُمّ سَكَتُوا سَاعَةً يَتَحَدّثُونَ ثُمّ قَامَ الثّالِثُ فَقَالَ اُدْعُ اللهَ أَنْ يَجْعَلَنِي مَعَهُمْ فَقَالَ "سَبَقَك بِهَا عُكّاشَةُ وَصَاحِبَهُ وَلَوْ قُلْت لَقُلْت، وَلَوْ قُلْت لَوَجَبَتْ" وَهِيَ فِي مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ، وَفِي مُسْنَدِ الْبَزّارِ أَيْضًا. وَيُقَوّي هَذَا الْمَعْنَى رِوَايَةَ ابْنِ إسْحَاقَ، فَإِنّهُ زَادَ فَقَالَ فِيهَا: "سَبَقَك بِهِ عُكّاشَةُ وَبَرَدَتْ الدّعْوَةُ" فَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرْته فِي تَفْسِيرِ حَدِيثِ عُكّاشَةَ فَإِنّهُ مِنْ فَوَائِدِ هَذَا الْكِتَابِ. وَمِمّنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا لِعُذْرِ وَهُوَ مِنْ النّقَبَاءِ سَعْدُ بْنُ عُبَادَةَ سَيّدُ الْخَزْرَجِ، لِأَنّهُ نَهَشَتْهُ حَيّةٌ فَلَمْ يَسْتَطِعْ الْخُرُوجَ هَذَا قَوْلُ الْقُتَبِيّ وَلِذَلِكَ لَمْ يَذْكُرْهُ ابْنُ إسْحَاقَ، وَلَا ابْنُ عُقْبَةَ فِي الْبَدْرِيّينَ وَقَدْ ذَكَرَهُ طَائِفَةٌ فِيهِمْ مِنْهُمْ ابْنُ الْكَلْبِيّ وَجَمَاعَةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>