. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
مِنْ أَرْضِ كَنْعَانَ أَنّ بَنِي إسْرَائِيلَ كَانَتْ تُغِيرُ عَلَيْهِمْ الْعَمَالِيقُ مِنْ أَرْضِ الْحِجَازِ، وَكَانَتْ مَنَازِلُهُمْ يَثْرِبَ وَالْجُحْفَةَ إلَى مَكّةَ، فَشَكَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ ذَلِكَ إلَى مُوسَى، فَوَجّهَ إلَيْهِمْ جَيْشًا، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوهُمْ وَلَا يُبْقُوا مِنْهُمْ أَحَدًا، فَفَعَلُوا وَتَرَكُوا مِنْهُمْ ابْنَ مَلِكٍ لَهُمْ كَانَ غُلَامًا حَسَنًا، فَرَقّوا لَهُ وَيُقَالُ لِلْمَلِكِ الْأَرْقَمُ بْنُ أَبِي الْأَرْقَمِ فِيمَا ذَكَرَ الزّبَيْرُ ثُمّ رَجَعُوا إلَى الشّامِ وَمُوسَى قَدْ مَاتَ فَقَالَتْ بَنُو إسْرَائِيلَ لَهُمْ قَدْ عَصَيْتُمْ وَخَالَفْتُمْ فَلَا نُئْوِيكُمْ فَقَالُوا: نَرْجِعُ إلَى الْبِلَادِ الّتِي غَلَبْنَا عَلَيْهَا فَنَكُونُ بِهَا، فَرَجَعُوا إلَى يَثْرِبَ، فَاسْتَوْطَنُوهَا وَتَنَاسَلُوا بِهَا إلَى أَنْ نَزَلَتْ عَلَيْهِمْ الْأَوْسُ وَالْخَزْرَجُ بَعْدَ سَيْلِ الْعَرِمِ. هَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَهُ أَبُو الْفَرَجِ الْأَصْبَهَانِيّ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ الْمَعْرُوفِ بِكِتَابِ الْأَغَانِي، وَإِنْ كَانَ الزّبَيْرُ قَدْ ذَكَرَهُ أَيْضًا فِي أَخْبَارِ الْمَدِينَةِ، وَلَا أَحْسَبُ هَذَا صَحِيحًا لِبُعْدِ عُمْرِ مُوسَى عَلَيْهِ السّلَامُ وَاَلّذِي قَالَ غَيْرُهُ إنّ طَائِفَةً مِنْ بَنِي إسْرَائِيلَ لَحِقَتْ بِأَرْضِ الْحِجَازِ حِينَ دَوّخَ بُخْتُ نَصّرَ الْبَابِلِيّ فِي بِلَادهمْ وَجَاسَ خِلَالَ دِيَارِهِمْ فَحِينَئِذٍ لَحِقَ مَنْ لَحِقَ مِنْهُمْ بِالْحِجَازِ كَقُرَيْظَةَ وَالنّضِيرِ وَسَكَنُوا خَيْبَرَ وَالْمَدِينَةَ، وَهَذَا مَعْنَى مَا ذَكَرَ الطّبَرِيّ وَاَللهُ أَعْلَمُ.
اسْمُ يَثْرِبَ:
وَأَمّا يَثْرِبُ فَاسْمُ رَجُلٍ نَزَلَ بِهَا أَوّلَ مِنْ الْعَمَالِيقِ فَعُرِفَتْ بِاسْمِهِ وَهُوَ يَثْرِبُ بْنُ قاين بْن عِبِيلِ بْنِ مهلايل بْنِ عَوَصِ بْنِ عِمْلَاقِ بْنِ لَاوَذِ بْنِ إرَمَ، وَفِي بَعْضِ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ اخْتِلَافٌ وَبَنُو عِبِيلٍ هُمْ الّذِينَ سَكَنُوا الْجُحْفَةَ فَأَجْحَفَتْ بِهِمْ السّيُولُ وَبِذَلِكَ سُمّيَتْ الْجُحْفَةَ، فَلَمّا احْتَلّهَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَرِهَ لَهَا هَذَا الِاسْمَ أَعْنِي: يَثْرِبَ لِمَا فِيهِ مِنْ لَفْظِ التّثْرِيبِ وَسَمّاهَا طِيبَةَ وَالْمَدِينَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute