الرّدَاءِ - إلَى الْمَدِينَةِ، وَبَعَثَ مَعَهُ غُلَامًا لَهُ يُقَالُ لَهُ مَسْعُودُ بْنُ هُنَيْدَةَ ثُمّ خَرَجَ بِهِمَا دَلِيلُهُمَا مِنْ الْعَرْجِ، فَسَلَكَ بِهِمَا ثَنِيّةَ الْعَائِرِ، عَنْ يَمِينِ رَكُوبَةَ - وَيُقَالُ ثَنِيّةُ الْغَائِرِ، فِيمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ حَتّى هَبَطَ بِهِمَا بَطْنَ رِئْمٍ، ثُمّ قَدِمَ بِهِمَا قُبَاءً، عَلَى بَنِي عَمْرِو بْنِ عَوْفٍ، لِاثْنَتَيْ عَشْرَةَ لَيْلَةً خَلَتْ مِنْ شَهْرِ رَبِيعٍ الْأَوّلِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ حِينَ اشْتَدّ الضّحَاءُ وَكَادَتْ الشَّمْس تعتدل.
ــ
وَذَكَرَ أَنّ أَوْسًا حَمَلَ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى جَمَلٍ لَهُ يُقَالُ لَهُ ابْنُ الرّدّاءِ وَفِي رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ بُكَيْرِ بْنِ إسْحَاقَ يُقَالُ لَهُ الرّدّاحُ وَفِي الْخَطّابِيّ أَنّهُ قَالَ لِغُلَامِهِ مَسْعُودٍ وَهُوَ مَسْعُودُ بْنُ هُنَيْدَةَ اُسْلُكْ بِهِمْ الْمَخَارِقَ بِالْقَافِ قَالَ وَالصّحِيحُ الْمَخَارِمَ يَعْنِي: مَخَارِمَ الطّرِيقِ وَفِي النّسَوِيّ أَنّ مَسْعُودًا هَذَا قَالَ فَكُنْت آخُذُ بِهِمْ أَخْفَاءَ الطّرِيقِ. وَفِقْهُ هَذَا أَنّهُمْ كَانُوا خَائِفِينَ فَلِذَلِكَ كَانَ يَأْخُذُ بِهِمْ أَخْفَاءَ الطّرِيقِ وَمَخَارِقَهُ وَذَكَرَ النّسَوِيّ فِي حَدِيثِ مَسْعُودٍ هَذَا: أَنّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ لَهُ ائْتِ أَبَا تَمِيمٍ فَقُلْ لَهُ يَحْمِلُنِي عَلَى بَعِيرٍ وَيَبْعَثُ إلَيْنَا بِزَادِ وَدَلِيلٍ يَدُلّنَا، فَفِي هَذَا أَنّ أَوْسًا كَانَ يُكَنّى أَبَا تَمِيمٍ وَأَنّ مَسْعُودًا هَذَا قَدْ رَوَى عَنْ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَحَفِظَ عَنْهُ حَدِيثًا فِي الْخَمْسِ وَحَدِيثًا فِي صَلَاةِ الْإِمَامِ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ ذَكَرَهُ النّسَوِيّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ غَيْرَ أَنّهُ قَالَ فِي مَسْعُودٍ هَذَا: غُلَامُ فَرْوَةَ الْأَسْلَمِيّ. وَقَالَ أَبُو عُمَرَ قَدْ قِيلَ فِي أَوْسٍ هَذَا إنّ اسْمَهُ تَمِيمٌ وَيُكَنّى أَبَا أَوْسٍ فَاَللهُ أَعْلَمُ.
وَرُوِيَ أَنّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِمَسْعُودِ حِينَ انْصَرَفَ إلَى سَيّدِهِ: "مُرْ سَيّدَك أَنْ يَسِمَ الْإِبِلَ فِي أَعْنَاقِهَا قَيْدَ الْفَرَسِ" فَلَمْ تَزَلْ تِلْكَ سِمَتُهُمْ فِي إبِلِهِمْ وَقَدْ ذَكَرْنَا فِي شَرْحِ قَصِيدَةِ أَبِي طَالِبٍ عِنْدَ قَوْلِهِ مُوَسّمَةُ الْأَعْضَادِ أَسْمَاءَ السّمَاتِ كَالْعِرَاضِ وَالْخِبَاطِ وَالْهِلَالِ وَذَكَرْنَا قَيْدَ الْفَرَسِ، وَأَنّهُ سِمَةٌ فِي أَعْنَاقِهَا، وَقَوْلِ الرّاجِزِ:
كُومٌ عَلَى أَعْنَاقِهَا قَيْدُ الْفَرَسْ ... تَنْجُو إذَا اللّيْلُ تَدَانَى وَالْتَبَسْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://www.shamela.app/page/contribute