للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لا يحصى على وجوهٍ متنوعَةٍ.

أما في السُّنَّةِ: كان النبيُّ عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إذا سَجَدَ يقولُ: "سبحانَ رَبِّيَ الأعلى" (١)، وقد دلَّتِ السُّنَّةُ القَوْلِيَّةُ والفعليَّةُ والإقراريَّةُ على علوِّ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ:

فقولُ الرسولِ عَلَيْهَ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعلى" هذا سُنَّهٌ قَوْلِيَّةٌ. وقولُهُ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - للجاريَةِ: "أين اللهُ؟ " قالت: في السماءِ، قال: "أَعْتِقْهَا فإنها مؤمنةٌ" (٢)، هذه إقراريَّةٌ.

ورَفْعُ يَدهِ إلى السماءِ عندَ الدعاءِ (٣) وهو يدعو اللهَ يا ربِّ، سُنَةّ فعليّة، وقد جَرَتِ السُّنَّةُ الفعليَّةُ في أكبرِ اجتماعٍ حَصَلَ للنبيِّ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّمَ - مع أصحابهِ، وذلك في يومِ عَرَفَةَ حين قال: "ألا هل بَلَّغْتُ؟ " قالوا: نعم قال: "اللهمَّ اشْهَدْ" (٤)، "اللهُمَّ" إشارةٌ إلى علوِّ اللهِ. "اشْهَدْ" هذا سُفْلٌ عُلُوٌّ، سُفْلٌ للخَلْقِ وعُلُوٌّ للخالِق؛ قال: "ألا هل بَلَّغْتُ؟ " قالوا: نعم قال: "اللهُمَّ اشْهَدْ" ثلاثَ مراتٍ. يُشْهِدُ اللهَ عزَّ وَجَلَّ على إقرارِ أُمَّتِه بأنَّه بَلَّغَ.

ونحن واللهِ نَشْهَدُ أنه بَلَّغَ البلاغَ المُبينَ، وأنه عانى من أَجْلِ ذلك أكبرَ عناءٍ صلواتُ اللهِ وسلامُهُ عَلَيْهِ، هذه سُّنَّةٌ فِعْلِيَّةٌ، إذن السُّنَّةُ بجميعِ أنواعِها كلها دَلَّتْ على علوِّ اللهِ.


(١) أخرجه مسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب تطويل القراءة في صلاة الليل، رقم (٧٧٢)، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -.
(٢) أخرجه مسلم: كتاب المساجد، باب تحريم الكلام في الصلاة، رقم (٥٣٧)، من حديث معاوية بن الحكم السلمي - رضي الله عنه -.
(٣) من ذلك ما أخرجه البخاري: كتاب الجمعة، باب الإستسقاء في الخطبة، رقم (٩٣٣)، ومسلم: كتاب صلاة الإستسقاء، باب الدعاء في الإستسقاء، رقم (٨٩٧)، من حديث أنس - رضي الله عنه -.
(٤) أخرجه مسلم: كتاب الحج، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، رقم (١٢١٨)، من حديث جابر - رضي الله عنه -.

<<  <   >  >>