للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: {فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} فقوله تعالى: {أَبْوَابُهَا} جَمْع: باب، وقد بيَّن الله تعالى في كِتابه أن أبوابها سَبْعة، فقال تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (٤٣) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: ٤٣, ٤٤] حَسْب عمَله.

وقوله تعالى: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا}: {خَزَنَتُهَا} أيِ: القائِمون عليها المُوكَّلون بها، وهم مَلائِكة غِلاظ شِداد؛ غِلاظ الطِّباع، شِداد الأجسام، هؤلاء هُمْ خزَنة النار، ليس فيهم رحمة إلَّا امتِثالًا بأَمْر الله عَزَّ وَجَلَّ، والله تبَارَكَ وَتَعَالَى يوم القيامة لا يَظلِم الكافِر، بل يَقول تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} [المؤمنون: ١٠٨]، فهُمْ أبعَدُ الناس عن رحمة الله.

وقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا} مُوبِّخين ومُقرِّرين {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ}، فالاستِفْهام هنا للتَّوْبيخ والتَّقرير، يَعنِي: يُقَرِّرون إتيان الرسُل، ويُوبِّخون هؤلاء على الكُفْر بهم {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} يَعنِي: لا من غيركم، فلو أَرسَل الله تعالى للبشَر مَلائِكة لكانوا يَنفِرون، يَقول تعالى: {قُلْ لَوْ كَانَ فِي الْأَرْضِ مَلَائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنَا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ مَلَكًا رَسُولًا} [الإسراء: ٩٥]، وهذا رَدٌّ عليهم لمَّا قالوا: أين المَلائِكةُ؟ فليس من الحِكْمة أن نُنزِل للبشَر ملَكًا، قال تعالى: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا} لو أَنزَل الله تعالى ملَكًا، أي: لو فُرِض أن الله تعالى يُرسِل للبشَر ملَكًا {لَجَعَلْنَاهُ رَجُلًا} [الأنعام: ٩]، أي: على صورة الرجُل؛ كي لا يَنفِروا منه.

وهنا يَقول: {يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} وهذا أبلَغُ؛ من أن يُقال: (مِن أَنفُسِكم)، فمُحمَّد عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ من قُرَيْش من بني هاشِمٍ، يَعرِفونه ويَعرِفون أباه ويَعرِفون أجداده، ويَصِفونه بالأمين، ويَثِقون به، وحَكَّموه حين اختَصَموا في وَضْع الحجَر

<<  <   >  >>