فالقولُ الصحيحُ عندي: أنه يُعفَى عنه حتى حق المَقتول، وذلك بأن يَتَحمَّله الله تعالى يومَ القِيامة.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أن المُذنِب مُسرِفٌ على نَفْسه ظالِمٌ لها؛ لقوله تعالى:{أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ}، ويَدُلُّ لهذا قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ}[هود: ١٠١].
والعَجيب: أن الظالِم لنَفْسه بالمَعصية إذا قِيل له: لماذا؟ قال: هذا القَضاءُ والقدَر! عسَى الله تعالى أن يَهدِيَني! وإذا ظلَمه أحَد بالضَّرْب فقال: لِمَ تَضرِبُني؟ قال: والله يا أخي، هذا قَضاء وقدَر؛ فلا يَرضَى بهذه الحُجَّة، وهو بظُلْمه لنَفْسه يَرضَى، وهذا تَناقُض عَجيب؛ يَعنِي: إذا ظلَمْت نَفْسك أَبَحْت أن تَحتَجَّ بالقَدَر، وإذا ظلَمك غيرُك لم تُبِحْ له أن يَحتَجَّ بالقدَر، وهذا جَوْر في الحُكْم وتَناقُض، فكيف تَرضَى أن تَظلِم نَفْسك ولا تَرضَى أن يَظلِمك غيرُك ويَحتَجَّ بالقدَر؟!.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: تَحريم القُنوط من رحمة الله؛ لقوله تعالى:{لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، وجهُ الدَّلالة: أن الأصل في النَّهيِ التحريمُ، وقد دلَّتِ السُّنَّة على أن القُنوط من رحمة الله من كبائر الذُّنوب؛ لأنه ظنَّ ما لا يَليق بالله جَلَّ وَعَلَا، فإن اللائِق بالله عَزَّ وَجَلَّ أن مَن لَجَأ إليه فإنه أَكرَم الأكرَمين لا يُخيبه، فإذا قنَطْتَ من رحمته فقد استَهَنْتَ بحَقِّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؛ ولهذا كان القُنوط من رحمة الله من كبائِر الذُّنوب.
الْفَائِدَةُ السَّابِعَةُ: إثبات الرحمة لله تعالى؛ لقوله تَبَارَكَ وَتَعَالَى:{لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ}، والرحمة نوعان: مَخلوقة، وغيرُ مَخلوقة، فما كان من الإنعام والإحسان فهو مَخلوق، وما كان صِفةً للربِّ فهو غير مَخلوق؛ ولهذا قال الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى في الجَنَّة: