للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن سعيد بن زربى [١]، عن عمر بن سليمان، عن عطاء، عن ابن عباس قال: قال النبي : "رأيت ربي في أحسن صورة فقال لي: يا محمد، هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ فقلت: لا، يا رب. فوضع يده بين كتفي فوجدت بَرْدَها بين ثدييّ، فعلمت ما في السماوات والأرض، فقلت: يا رب، في الدرجات والكفارات، ونقل الأقدام إلى الجماعات [٢] وانتظار الصلاة بعد الصلاة. فقلت: يا رب؛ إنك اتخذت إبراهيم خليلًا، وكلمتَ موسى تكليمًا، وفعلت وفعلت. فقال: ألم أشرح لك صدرك؟ ألم أضع عنك وزرك؟ ألم أفعل بك؟ ألم أفعل؟ قال: فأفضى إليَّ بأشياء لم يؤذن لي أن أحدثكموها. قال: فذاك قوله في كتابه: ﴿ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى (٨) فَكَانَ قَابَ قَوْسَينِ أَوْ أَدْنَى (٩) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (١٠) مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى﴾، فجُعل نور بصري في فؤادي، فنظرت إليه بفؤادي" (٣١). إسناده [٣] ضعيف.

وقد ذكر الحافظ ابن عساكر بسنده إلى هبار بن الأسود : أن عتبة [٤] ابن أبي لهب لما خرج في تجارة إلى الشام قال لأهل مكة: اعلموا أني كافر بالذي دنا فتدلى. فبلغ قولُه رسول الله، ، فقال: "سَلَّط الله عليه كلبًا من كلابه". قال هبار: فكنت معهم، فنزلنا بأرض كثيرة الأسد، قال: فلقد رأيت الأسد جاء فجعل يَشُمَّ رءوس القوم واحدًا واحدًا، حتى تخطى إلى عتبة فاقتطع رأسه من بينهم (٣٢).

وذكر ابن [٥] إسحاق وغيره في السيرة: أن ذلك كان بأرض الزرقاء، وقيل بالشراة، وأنه خاف [٦] ليلتئذ، وأنهم جعلوه بينهم وناموا من حوله، فجاء الأسد فجعل يزأر، ثم تخطاهم إليه فضغم رأسه، لعنه الله.

وقوله: ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣) عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤) عِنْدَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى﴾، هذه هي المرة الثانية التي رأى رسول الله فيها جبريل على صورته التي خلقه الله عليها، وكانت ليلة الإسراء. [وقد] [٧] قدمنا الأحاديث الواردة في الإسراء بطرقها وألفاظها في أول سورة "سبحان" بما أغنى عن إعادته هاهنا، وتقدم أن ابن عباس


(٣١) - أخرجه الطبري (٢٧/ ٤٨)، وفي إسناده سعيد بن زربي، منكر الحديث.
(٣٢) - تقدم تخريجه قريبًا وهو حديث حسن؛ حسنه الحافظ ابن حجر في الفتح.