للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رواسيها.

وقال ابن جرير (١٢): حدثني المثنى، حدثني حجاج بن منهال، حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبيب، عن علي بن أبي طالب قال: لما خلق الله الأرض قمصت [١]، وقالت: أي رب، تجعل عليَّ بني آدم يعملون [على] [٢] الخطايا ويجعلون [٣] عليَّ الخبث؟ قال [٤]: فأرسى الله فيها من الجبال ما ترون وما لا ترون، فكان إقرارها كاللحم يترجرج.

وقوله: ﴿وَأَنْهَارًا وَسُبُلًا﴾ أي: وجعل فيها أنهارا تجري من [] [٥] مكان إلى مكان آخر رزقًا للعباد، ينبع في موضع وهو رزق لأهل موضع آخر، فيقطع البقاع والبراري والقفار، ويخترق الجبال والآكام فيصل إلى البلد الذي سخر لأهله، وهي سائرة في الأرض يمنة ويسرة، وجنوبا وشمالًا، وشرقا وغربا، ما [٦] بين صغار وكبار، وأودية تجري حينا وتنقطع في وقت، وما بين نبع وجمع، وقوي السير وبطئه، بحسب ما أراد وقدر وسخر ويسر، فلا إله إلا هو ولا رب سواه.

وكذلك جعل [٧] في الأرض سبلًا، أي: طرفًا يسلك فيها من بلاد إلى بلاد، حتى إنه تعالى ليقطع الجبل حتى يكون ما بينهما ممرًّا [٨] ومسلكا، كما قال تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا﴾ الآية.

وقوله: ﴿وَعَلَامَاتٍ﴾ أي: دلائل من جبال كبار وأكام صغار ونحو ذلك، يستدل بها المسافرون برا وبحرا إذا ضلوا الطرق.

وقوله: ﴿وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾ أي: في ظلام الليل، قاله ابن عباس.

وعن مالك في قوله: ﴿وَعَلَامَاتٍ [وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ]﴾ يقول [٩]: النجوم وهي الجبال.

ثم [قال تعالى منبهًا] [١٠] على عظمته، و [١١] أنه لا تنبغي [١٢] العبادة إلا له دون ما سواه


(١٢) - أخرجه الطبري (١٤/ ٩٠).