للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

إلى مصرَ أن لا يدخلوا كلهم من باب واحد، وليدخلوا من أبواب متفرقة، فإنه كما قال ابن عباس (٨٨) ومحمد بن كعب ومجاهد والضحاك وقتادة والسدي [وغير واحد] [١]: إنه خشي عليهم العين، وذلك أنهم كانوا ذوي جمال وهيئة حسنة ومنظر وبهاء، فخشي عليهم أن يصيبهم الناس بعيونهم، فإن العين حق تستنزل الفارس عن فرسه.

وروى ابن أبي حاتم (٨٩): عن إبراهيم النخعي في الآية في قوله: ﴿وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ﴾ قال: علم أنه سيلقى إخوته في بعض تلك الأبواب.

وقوله: ﴿وَمَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ﴾ أي: إن هذا الاحتراز لا يردّ قضاء الله وقدره، فإن الله إذا أراد شيئًا لا يخالف ولا يمانع ﴿إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ (٦٧) وَلَمَّا دَخَلُوا مِنْ حَيْثُ أَمَرَهُمْ أَبُوهُمْ مَا كَانَ يُغْنِي عَنْهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا حَاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضَاهَا﴾ قالوا: هي دفع إصابة العين لهم ﴿وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاهُ﴾.

قال قتادة والثوري: لذو [عمل بعلمه] [٢].

وقال ابن جرير: لذو علم لتعليمنا إياه ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ﴾.

﴿وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (٦٩)

يخبر تعالى عن إخوة يوسف لما قدموا على يوسف، ومعهم أخوه شقيقه بنيامين، فأدخلهم [٣] دار كرامته، ومنزل ضيافته، وأفاض عليهم الصلة والألطاف والإحسان، واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه، وما جرى له وعرفه أنه أخوه، وقال له: لا تبتئس أي: لا تأسف على ما صنعوا بي، وأمره بكتمان ذلك عنهم، وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه، وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عنده معززًا مكرّمًا معظمًا.

﴿فَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ جَعَلَ السِّقَايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ ثُمَّ أَذَّنَ مُؤَذِّنٌ أَيَّتُهَا الْعِيرُ


(٨٨) - أخرجه ابن جرير (١٦/ ١٩٤٩٠) من طريق عطية العوفى عنه، وعطية ضعيف.
(٨٩) - (٧/ ١١٧٦٩) وفي إسناده يحيى بن عبد الحميد الحماني، اتهم بسرقة الحديث.