للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وما ذكره بعض المفسرين من أنه باعهم في السنة الأولى بالأموال، وفي الثانية بالمتاع، وفي الثالثة بكذا، وفي الرابعة بكذا، حتى [باعهم بأنفسهم وأولادهم] [١] بعد ما تملك عليهم جميع ما يملكون، ثم أعتقهم وردّ عليهم أموالهم كلها - اللَّه أعلم بصحة ذلك، وهو من الإِسرائيليات التي لا تصدق ولا تكذب.

والغرض: أنه كان في جملة من ورد للميرة إخوة يوسف عن أمر أبيهم لهم في ذلك، فإنه بلغهم أن عزيز مصر يعطي الناس المام بثمنه، فأخذوا معهم بضاعة يعتاضون بها طعامًا، وركبوا عشرة نفر، واحتبس يعقوب، ، عنده ابنه بنيامين شقيق يوسف ، وكان أحب ولده إليه بعد يوسف، فلما [دخلوا على يوسف] [٢] وهو جالس في أبهته ورياسته وسيادته، عرفهم حين نظر إليهم ﴿وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ أي: لا يعرفونه؛ لأنهم فارقوه وهو صغير حديث، وباعوه للسيارة ولم يدروا أين يذهبون به، ولا كانوا يستشعرون في أنفسهم أن يصير إلى ما صار إليه، فلهذا لم يعرفوه، وأما هو فعرفهم.

فذكر السدي وغيره: أنه شرع يخاطبهم فقال لهم كالمنكر عليهم: ما أقدمكم بلادي؟ فقالوا: أيها العزيز، إنا قدمنا للميرة. قال: فلعلكم عيون؟ قالوا: معاذ اللَّه! قال: فمن أين أنتم؟ قالوا: من بلاد كنعان، وأبونا يعقوب نبي اللَّه. قال: وله أولاد غيركم؟ قالوا: نعم، كنا اثني [٣] عشر، فذهب أصغرنا هلك في البرية، وكان أحبنا إلى أبيه، وبقي شقيقه فاحتبسه أبوه ليتسلى به عنه. فأمر بإنزالهم وإكرامهم.

﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ﴾ أي: وفّاهم كيلهم، وحمل لهم أحمالهم، قال: ائتوني بأخيكم هذا الذي ذكرتم؛ لأعلم صدقكم فيما ذكرتم ﴿أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ﴾ يرغبهم في الرجوع إليه، ثم رهبهم فقال: ﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي وَلَا تَقْرَبُونِ﴾ الآية، أي: إن لم تقدموا به معكم في المرة الثانية فليس لكم عندي ميرة ﴿وَلَا تَقْرَبُونِ * قَالُوا سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ﴾ أي: سنحرص على مجيئه إليك بكل ممكن، ولا نبقي مجهودًا لتعلم صدقنا فيما قلناه.

وذكر السدي أنه أخذ منهم رهائن حتى يقدموا به معهم، وفي هذا نظر؛ لأنه أحسن إليهم ورغبهم كثيرًا، وهذا لحرصه على رجوعهم.

﴿وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ [٤]﴾ أي: لغلمانه [٥] ﴿اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ﴾ أي: التي قدموا بها


[١]- سقط من: خ.
[٢]- في خ: "فلما دخلوا عليه".
[٣]- في خ: "اثنا".
[٤]- كذا في ز، خ. وهي قراءة نافع وأبي عمرو وعبد اللَّه بن كثير وابن عامر.
[٥]- في ت: " غلمانه ".