للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب، ولكن بالتحريش بينه".

ويحتمل أن يكون المراد أنهم يئسوا من مشابهة المسلمين، لما [١] تميز به المسلمون من هذه الصفات المخالفة للشرك وأهله، لهذا [٢] قال تعالى آمرًا عباده المؤمنين أن يصبروا ويثبتوا في مخالفة الكفار، ولا يخافوا أحدًا إِلا الله فقال: ﴿فلا تخشوهم واخشوني﴾ أي: لا تخافوهم [٣] في مخالفتكم إياهم، واخشوني، أنصركم عليهم، وأبيدهم، وأظفركم بهم، وأشف صدوركم منهم، وأَجعلكم فوقهم في الدنيا والآخرة.

وقوله: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا﴾ هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة، حيث أكمل تعالى لهم دينهم، فلا يحتاجون إِلى دين غيره، ولا إِلى نبي غير نبيهم، صلوات الله وسلامه عليه، ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء، وبعثه إِلى الإنس والجن، فلا حلال إِلا ما أحله، ولا حرام إِلا ما حرمه، ولا دين إِلا ما شرعه، وكل شيء أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف، كما قال تعالى: ﴿وتمت كلمت [٤] ربك صدقًا وعدلًا﴾ أي: صدقا في الأخبار، وعدلًا في الأوامر والنواهي، فلما أكمل [لهم الدين] [٥] تمت [عليهم النعمة]، ولهذا قال تعالى: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينًا﴾ أي: فارضوه أنتم لأنفسكم؛ فإنه الدين الذي [أحبه الله ورضيه]، وبعثَ به أفضل الرسل [٦] الكرام، وأنزل به أشرف كتبه.

و [٧] قال على بن أبي طلحة، عن ابن عباس (٨٧): قوله: ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾


= وأن مع كل إنسان قرينًا، الحديث (٢٨١٢)، والترمذي في كتاب البر والصلة باب: ما جاء في التباغض الحديث (١٩٣٧)، وأحمد (٣/ ٣١٣) من طريق أبي سفيان - طلحة بن نافع - عن جابر . ورواه أحمد (٣/ ٣٥٤) من طريق ماعز التميمي عن جابر.
(٨٧) - أخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (٩/ ٥١٨) (١١٠٨٠) من طريق على بن أبي طلحة عن ابن عباس، وذكره السيوطي في الدر المنثور (٢/ ٤٥٦)، وزاد نسبته إلى ابن المنذر، وانظر فتح القدير (٢/ ١٥).