وفيها قراءَة لبَعض السلَف:"وأَزواجُه أُمَّهاتُهم وهو أَبٌ لَهم"، ولكنها قِراءة لا تُعتَبَر من القِراءات السَّبْعية، إلَّا أن بعضَهم قَرَأ بها، ولكنك إذا تَأمَّلت:{النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} وجَدْتَ أنَّه أعظَمُ من الأبِ.
قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ} سيَأتينا -إن شاءَ اللَّه تعالى- في الفوائِد: هل أولادُهنَّ إِخوةٌ للمُؤمِنين وهل إخوانُهنَّ أخوالٌ للمُؤمِنات وهل آباؤُهنَّ آباءٌ للمُؤمِنين؟ وما أَشبَهَ ذلك، يَأتينا هذا -إِن شاءَ اللَّه تعالى- في الفوائِد.
قال رَحِمَهُ اللَّهُ: [{وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ} ذَوُو القَرابات {بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} في الإِرْث {فِي كِتَابِ اللَّهِ} من المُؤمِنين والمُهاجِرين، أي: من الإرث بالإيمان والهِجْرة الذي كان أوَّل الإسلام فَنُسِخ].
قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى:{وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، قوله عَزَّ وَجَلَّ:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} مُتَعلِّق بـ {أَوْلَى}، أَوْلى من المُؤمِنين والمُهاجِرين، وعلى هذا فإن (مِن) هي الدالَّة على المُفضَّل عليه، فإذا قلت: فُلان أَفضَلُ من فلان، فإن (مِن) هذه لتَعيين المُفضَّل عَليه، وهنا أُولو الأرحام بعضهم أَوْلى ببعض من المُؤمِنين والمُهاجِرين.
وقيل: إن (مِنْ)، بَيانيَّة يَعنِي: وأُولو الأرحام من المُؤمِنين والمُهاجِرين بعضُهم أَوْلى ببعض، يَعنِي: أُولو الأرحام سَواءٌ كانوا مُؤمِنينَ فقَطْ أو مُؤْمنينَ مُهاجِرينَ فإن بعضَهم أَوْلى بِبَعض، فإذا قُلْنا: أُولو الأَرْحام بعضُهم أَوْلى ببعض في الإِرْث مِن المُؤمِنين والمُهاجِرين. أو قُلْنا: أُولو الأرحام بعضُهم أَوْلى ببعض من المُؤمِنين. صار المَعنى الأَخير أعمَّ وأشمَلَ.