أن تَكون مَقولًا للقول في مَحلِّ رَفْع أو أن تَكون في محَلِّ جَزْم؟
فالجَوابُ: القُرآن قد بيَّن ذلك، قال اللَّه تعالى:{وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[الإسراء: ٥٣] هذا يَدُلُّ على أنها مَجزومة على أنها جَواب الأَمْر، إذ لو كانت مَرفوعة لقال: يَقولون التي هي أَحسَنُ فلمَّا قال: {يَقُولُوا} دلَّ عن أنها جوابُ الأمر، وهي أيضًا من حيث المَعنَى أبلَغُ؛ إذا كانت جوابًا للأمر كأنَّهم يَفعَلون ذلك مُباشَرة؛ يَعنِي: كأن فِعْلهم هذا جوابٌ للأَمْر، أي: أنه مُتسَبِّب عنه فيَكون ذلك أبلَغَ في الامتِثال من أن يُؤمَروا أَمْرًا قد يَمتَثِلونه وقد لا يَمتَثِلونه.
فقوله تعالى:{قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}[النور: ٣٠] وماذا يُؤيِّد أنها جواب الأمر أو أنها مَقول القَوْل؟ الجواب: أنها جَواب الأَمْر؛ ولهذا يَقول:{يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} فجَزَمها بحَذْف النون، ولم يَقُل (يَغُضُّون من أَبصارِهم).
الجوابُ: لا دليلَ فيه؛ لأنه مَبنيٌّ، فليس فيه دليلٌ على هذا ولا على هذا.
المُهِمُّ: أن الأَوْلَى أن نَجعَل قوله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} جَوابًا للأَمْر، ويُؤيِّد ذلك: السِّياقُ في كِتاب اللَّه، ويُؤيد ذلك: أنه أَقْوى في الامتِثال والتَّنفيذ؛ حيث كان جوابًا لمُجرَّد القول: كأنهن يَفعَلن ويَمتَثِلن.
وقوله تعالى:{يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}: {مِنْ} ليسَت زائِدة كما قيل؛ لأن (مِن) لا تُزاد إلَّا في النَّفي كما قال ابن مالِك رَحِمَهُ اللَّهُ: