للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فإن الباء للسَّببية والمُسبَّب مَرْبوط بالسَّبَب يَقوَى بقُوَّته ويَضعُف بضَعْفه، ويَزداد بزِيادته ويَنقُص بنُقْصانه.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: الثَّناء على الصادِقين وأنهم أهلٌ للجَزاء الحسَن؛ لقوله تعالى: {لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ} الصادِقين في العَقيدة وفي القول وفي الفِعْل وفي العمَل.

وقد أَمَر اللَّه تعالى بالصِّدْق، فقال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩] وقال النبيُّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ حاثًّا على الصِّدق: "عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ، فَإِنَّ الكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَلَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ اللَّهِ كَذَّابًا" (١).

والصِّدْق كما أنه مَحَلُّ ثَناء من اللَّه عَزَّ وَجَلَّ ومَحَلُّ ثواب جَزيل، فإنه مَحَلُّ ثَناءٍ من الخَلْق، ولهذا تَجِد الصادِقين تُنشَر آثارهم، وتُؤثَر أقوالهم، ويُثنَى عليهم في المَجالِس حتى بعد مَوْتهم، بخِلاف أهل الكَذِب -والعِياذ باللَّهِ- والنِّفاق، فإنهم على العكس من ذلك، فعليك بالصِّدْق! ولا تَظُنَّ أن الصادِق يَخيب أبَدًا، كما يصوِّر الشيطان أحيانًا للإنسان: أنه لو صدَق لكان في ذلك ضرَرٌ عليه، فلْيَكُن كاذِبًا أو فلْيَكذِب، فإن هذا من وَسْواس الشيطان، والصِّدق مَنجاة؛ ولهذا قال أحَدُهم: رأيتُ في


(١) أخرجه البخاري: كتاب الأدب، باب قول اللَّه تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [التوبة: ١١٩]، رقم (٦٠٩٤)، ومسلم: كتاب البر والصلة والآداب، باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، رقم (٢٦٠٧)، من حديث عبد اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه-.

<<  <   >  >>