للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قد يَموتون بدون قَتْل، خاصَّة في الشُّهداء ومَن هُو أفْضَل منهم؛ هذا هو الظاهِر، ويُحْتَمَل أن يَكون هذا خاصًّا بالشُّهَداء؛ لأن الشُّهَداء تَعرَّضوا للموت ابتِغاءَ وَجْه اللَّه سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فبَعضُ أهل العِلْم رَحِمَهُم اللَّهُ يَقول: إذا ثبَت هذا للشُّهداء في الحياة البَرْزَخية فلِمَن هو أفضَلُ منهم أثبَتُ، مثل: الصِّدِّيقين والأنبياء عَلَيهِم السَّلَامُ.

ولكن عِندي أن فيه احتِمالًا بأن هذا خاصٌّ بالشُّهَداء؛ وذلك لأن الشَّهيد ليس كغيره، إذِ الشَّهيد عرَّض نَفْسه للمَوْت وباع نفسَه فيُجازَى بأن يَكون حيًّا، لكن المشهور أن مَن هو أعلى من الشُّهَداء له ذلك الحُكْمُ، والأنبياء عَلَيهِم السَّلَامُ لهم خِصيصة أخرى أيضًا ليست في غيرهم، وهي أن الأرض لا تَأكُل أَجسادَهم.

قال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ} [البقرة: ٨٨]، وقال: {فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: ٤٦] ومثل هذا التَّعبيرِ ذكَر المُفسِّرون أنه يُراد به العدَم، يَعنِي: لا يُؤمِنون أبدًا.

من فوائد الآية الكريمة:

الْفَائِدَة الأُولَى: في الآية هذه دَليلٌ على أنه لا فِرارَ من قدَر اللَّه تعالى؛ لقوله: {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ}، قوله تعالى: {مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} مُتعَلِّقٌ بـ {فَرَرْتُمْ} أم بالفِرار؟ {قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} إن فرَرْتُم، وتَكون جُملةً شَرْطية، و {إِنْ فَرَرْتُمْ} جُملة مُعتَرِضة، وهذا أَوضَحُ في المَعنَى.

الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أنه لا فِرارَ من قدَر اللَّه تعالى.

الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: وهَلْ يُسْتَفاد من الآية الكريمة إِبْطال الأَسباب؛ لأن الانسان لو رأَى نارًا تَلْتَهِم الشجَر مُقْبِلة عنه، هل يَهْرَب أم لَا؟ يَهرَب، فربَّمَا يَنجو.

<<  <   >  >>