للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ابن عباس؛ قال: قال ابن صوريا (الفطيوني) (١) لرسول الله : يا محمد، ما جئتنا بشيء نعرفه، وما أنزل الله عليك من آية بينة فنتبعك؛ فأنزل الله في ذلك من قوله: ﴿وَلَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَمَا يَكْفُرُ بِهَا إِلَّا الْفَاسِقُونَ (٩٩)﴾.

وقال مالك بن الضيف (٢): حيث بعث رسول الله وذكرهم ما أخذ عليهم من الميثاق، وما عهد إليهم في محمد : والله ما عهد إلينا في محمد، وما أخذ علينا ميثاقًا؛ فأنزل الله تعالى: ﴿أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾.

وقال الحسن البصري (٣) في قوله: ﴿أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ﴾ قال: نعم، ليس في الأرض عهد يعاهدون عليه إلا نقضوه ونبذوه؛ يعاهدون اليوم وينقضون غدًا.

وقال السدي (٤): لا يؤمنون بما جاء به محمد .

وقال قتادة (٥): ﴿نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ﴾ أي: نقضه فريق منهم.

وقال ابن جرير (٦): أصل النبذ الطرح والإلقاء؛ ومنه سمى اللقيط منبوذًا، ومنه سمي النبيذ، وهو التمر والزبيب إذا طرحا في الماء؛ قال أبو الأسود الدؤلي:

نظرت إلى عنوانه فنبذته … كنبذك نعلًا أخلقت من نعالكا

قلت: فالقوم ذمهم الله بنبذهم العهود التي تقدم الله إليهم في التمسك بها والقيام بحقها؛ ولهذا أعقبهم ذلك التكذيب بالرسول المبعوث إليهم وإلى الناس كافة، الذي في كتبهم نعته وصفته وأخباره؛ وقد أمروا فيها باتباعه ومؤازرته ونصرته؛ كما قال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ … ﴾ الآية [الأعراف: ١٥٧]

وقال ها هنا: ﴿وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١)﴾ أي: طرح طائفة منهم كتاب الله الذي بأيديهم مما فيه البشارة بمحمد وراء ظهورهم؛ أي: تركوها، كأنهم لا يعلمون ما فيها، وأقبلوا على تعلم السحر واتباعه؛ ولهذا أرادوا (كيد الرسول) (٧) ، وسحروه في مشط (ومشاقة) (٨) وجف طلعة


= أبو كريب. وابن أبي حاتم (٩٧٦) من طريق محمد بن عبد الله بن نمير قالا: ثنا يونس بن بكير، ثنا محمد بن إسحاق به. [وسنده حسن].
(١) كذا في (ج) و (ز) و (ع) و (ل) و (ى) وهو الموافق لما في "ابن جرير"، وقد ضبطها ناسخ (ى)؛ وفي (ض): "النطيوني"؛ وفي (ك): "القطيوني" بالقاف؛ وفي (ن): "القطويني".
(٢) أخرجه ابن جرير (١٦٣٩)؛ وابن أبي حاتم (٩٧٩) من طريق يونس بن بكير ثنا ابن إسحاق بسنده المذكور آنفًا.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٨٠) وسنده ضعيف.
(٤) أخرجه ابن أبي حاتم (٩٨٢) بسند ضعيف.
(٥) أخرجه ابن جرير (١٦٤١) قال: حدثنا بشر بن معاذ. وابن أبي حاتم (٩٨١) من طريق العباس بن الوليد قالا: ثنا يزيد بن زريع، ثنا سعيد، عن قتادة. وسنده صحيح.
(٦) في "تفسيره" (٢/ ٤٠١).
(٧) كذا في (ج) و (ض) و (ع) و (ل) و (ى)؛ وفي (ز) و (ن): "كيدًا برسول الله"؛ وفي (ك): "كيد رسول الله".
(٨) أشار ناسخ (ع) أنه وقع في نسخة: "ومشاطة" وهو الأشهر. والمشاقة: هي الشعر الذي يسقط من الرأس واللحية عند التسريح بالمشط.