للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فإنا نعلم أنه رسول الله. قلت: ويحكم، (فأنى) (١) هلكتم؟! قالوا: (إنا لم نهلك) (٢). قلت: كيف ذلك وأنتم تعلمون أنه رسول الله (ثم لا تتبعونه) (٣) ولا تصدقونه؟ قا لوا: إن لنا عدوًا من الملائكة وسلمًا من الملائكة؛ وإنه قرن بنبوته عدونا من الملائكة. قلت: ومن عدوكم؛ ومن سلمكم؛ قالوا: عدونا جبريل، وسلمنا ميكائيل (٤) قالوا: إن جبريل ملك الفظاظة والغلظة والإعسار والتشديد والعذاب ونحو هذا. وإن ميكائيل ملك الرحمة والرأفة التخفيف ونحو هذا.

قال: قلت: وما منزلتهما من ربهما ﷿؟ قالوا: أحدهما عن يمينه، والآخر عن يساره. قال: فقلت: فوالذي لا إله إلا هو إنهما والذي بينهما لعدو لمن عاداهما وسلم لمن سالمهما. وما ينبغي لجبريل أن يسالم عدو ميكائيل، وما ينبغي لميكائيل أن يسالم عدو جبريل.

قال: ثم قمت. فاتبعت النبي ، فلحقته وهو خارج من خوخة لبني فلان، فقال: يا ابن الخطاب؛ ألا أقرئك آيات نزلن قبل. فقرأ عليّ: ﴿مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ … ﴾ حتى قرأ (هذه) (٥) الآيات.

قال: قلت: (بأبي وأمي) (٦) يا رسول الله! والذي بعثك بالحق، لقد جئت وأنا (أريد أن) (٧) أخبرك، وأسمع اللطيف الخبير قد سبقني إليك بالخبر.

وقال ابن أبي حاتم (٨): حدثنا أبو سعيد الأشج، حدثنا أبو أسامة، عن مجالد؛ أنبأنا عامر؛ قال: انطلق عمر بن الخطاب إلى اليهود، فقال: أنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تجدون محمدًا في كتبكم؟ قالوا: نعم. قال: فما يمنعكم أن تتبوه؟ قالوا: إن الله لم يبعث رسولًا إلا جعل له من الملائكة كفلًا، وإن جبريل كفل محمدًا، وهو الذي يأتيه، وهو عدونا من الملائكة، وميكائيل سلمنا؛ لو كان ميكائيل الذي يأتيه أسلمنا.

قال: فإني أنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، ما منزلتهما عند الله تعالى؟ قالوا: جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله.

قال عمر: وإني أشهد: ما ينزلان إلا بإذن الله، وما كان ميكائيل ليسالم عدو جبرائيل، وما كان جبرائيل ليسالم عدو ميكائيل.


(١) كذا في سائر "الأصول"؛ وفي (ن): "إذن" ولم يستطع تصويبها الشيخ محمود شاكر، فقرأها في "المطبوعة": "أي: هلكتم"، ثم أثبتها: "إذن" عن "تفسير ابن كثير".
(٢) كذا في (ز) و (ع) و (ك) و (ن) و (ى) وهو الموافق لما في "الطبري"، وسقط لفظ "إنا" من (ض). ووقع في (ج) و (ل): "إياكم يهلك".
(٣) كذا في (ج) و (ض) و (ك) وهو الموافق لما في "الطبري". وسقطت لفظة "ثم" من (ز) و (ع) و (ل) و (ى). ووقع في (ن): "ولا تتبعونه".
(٤) وقع في "تفسير الطبري" (١٦٠٨) بعد هذه الجملة: "قال: قلت: وفيم عاديتم جبريل وفيم سالمتم ميكائيل".
(٥) ساقط من (ن).
(٦) كذا في "الأصول"، وعند ابن جرير، بأبي وأمي أنت.
(٧) من (ن) وهو عند ابن جرير.
(٨) في "تفسيره" (٩٦٦) وهو مع انقطاع سنده، فإن مجالد بن سعيد تغير حفظه في آخر عمره كما قال أحمد وغيره.