للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فقال لي: "ارجع إليه الثانية" فذهب فقال له مثلها، فرجع إلى رسول الله فقال: يا رسول الله قد أخبرتك أنه أعتى من ذلك، فقال: "ارجع إليه فادعه" فرجع إليه الثالثة، قال: فأعاد عليه ذلك الكلام، فبينما هو يكلمه إذ بعث الله ﷿ سحابة حيال رأسه، فرعدت فوقعت منها صاعقة، فذهبت بقحف رأسه، فأنزل الله ﷿: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِي اللَّهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ﴾ (١)، ورواه ابن جرير من حديث علي بن أبي سارة به (٢).

ورواه الحافظ أبو بكر البزار عن عبدة بن عبد الله، عن يزيد بن هارون، عن ديلم بن غزوان، عن ثابت، عن أنس … فذكر نحوه، وقال: حدثنا الحسن بن محمد، حدثنا عفان، حدثنا أبان بن يزيد، حدثنا أبو عمران الجوني، عن عبد الرحمن بن صحار العبدي أنه بلغه أن النبي بعثه إلى جبار يدعوه فقال: أرأيتم ربكم أذهب هو؟ أم فضة هو؟ أم لؤلؤ هو؟ قال: فبينما هو يجادلهم إذ بعث الله سحابة فرعدت، فأرسل عليه صاعقة، فذهبت بقحف رأسه، ونزلت هذه الآية (٣).

وقال أبو بكر بن عياش، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: جاء يهودي فقال: يا محمد أخبرني عن ربك، من أي شيء هو؟ من نحاس هو، أم من لؤلؤ أو ياقوت؟ قال: فجاءت صاعقة فأخذته، وأنزل الله: ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَنْ يَشَاءُ﴾ (٤).

وقال قتادة: ذكر لنا أن رجلًا أنكر القرآن، وكذب النبي فأرسل الله صاعقة فأهلكته، وأنزل الله ﴿وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ﴾ الآية (٥).

وذكروا في سبب نزولها قصة عامر بن الطفيل [وأربد] (٦) بن ربيعة، لما قدما على رسول الله المدينة فسألاه أن يجعل لهما نصف الأمر، فأبى عليهما رسول الله ، فقال له عامر بن الطفيل - لعنه الله -: أما والله لأملأنها عليك خيلًا جردًا ورجالًا مردًا، فقال له رسول الله : "يأبى الله عليك ذلك وأبناء قيلة" يعني الأنصار، ثم إنهما همّا بالفتك برسول الله فجعل أحدهما يخاطبه، والآخر يستل سيفه ليقتله من ورائه، فحماه الله تعالى منهما وعصمه، فخرجا من المدينة فانطلقا في أحياء العرب يجمعان الناس لحربه ، فأرسل الله على أربد سحابة فيها صاعقة فأحرقته، وأما عامر بن الطفيل، فأرسل الله عليه الطاعون فخرجت فيه غدة عظيمة، فجعل يقول: يا آل عامر غدة كغدة البكر، وموت في بيت سلولية، حتى ماتا لعنهما الله،


(١) أخرجه أبو يعلى بسنده بنحوه وضعفه محققه لضعف علي بن أبي سارة (المسند ٦/ ٨٩ ح ٣٣٤٢)، ولكن ابن أبي سارة تابعه ديلم بن غزون، وهو صدوق. كما في التقريب إذ أخرجه أبو يعلى (المسند ٦/ ٨٧ - ٨٨ ح ٣٣٤١) من طريق ديلم عن ثابت به، وأخرجه ابن أبي عاصم من طريق ديلم به، وصححه الألباني (السنة ١/ ٣٠٤ ح ٦٩٢) فيكون الإسناد حسنًا لغيره.
(٢) أخرجه الطبري من طريق علي بن أبي سارة به بنحوه.
(٣) أخرجه البزار كما في كشف الأستار (٣/ ٥٤ ح ٢٢٢١) وسنده حسن.
(٤) أخرجه الطبري من طريق أبي بكر بن عياش به، وهو مرسل ويتقوى بسابقه.
(٥) أخرجه الطبري بسند صحيح من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة لكنه مرسل ويتقوى بما سبق.
(٦) كذا في (حم) و (مح) والتخريج، وفي الأصل صحف إلى: "زايد"، وأربد بن ربيعة هو أخو لبيد الشاعر لأمه (جمهرة أنساب العرب ٢/ ٢٨٥).