للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وقال سعيد بن جبير: ﴿وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً﴾ أي: يقابل بعضها بعضًا (١).

﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ (٨٨) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩)﴾.

هذا إخبار من الله تعالى عما دعا به موسى على فرعون وملئه لما أبوا قبول الحق، واستمروا على ضلالهم وكفرهم معاندين جاحدين ظلمًا وعلوا وتكبرًا وعتوًا قال موسى: ﴿رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً﴾ أي: من أثاث الدنيا ومتاعها ﴿وَأَمْوَالًا﴾ أي: جزيلة كثيرة ﴿فِي﴾ هذه ﴿الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ﴾ بفتح الياء، أي أعطيتهم ذلك، وأنت تعلم أنهم لا يؤمنون بما أرسلتني به إليهم استدراجًا منك لهم كما قال تعالى: ﴿لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ﴾ [طه: ١٣١] وقرأ آخرون ﴿لِيُضِلُّوا﴾ بضم الياء (٢)، أي: ليفتتن بما أعطيتهم من شئت من خلقك ليظن من أغويته أنك إنما أعطيتهم هذا لحبك إياهم واعتنائك بهم. ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ قال ابن عباس ومجاهد: أي: أهلكها؛ وقال الضحاك وأبو العالية والربيع بن أنس: جعلها الله حجارة منقوشة كهيئة ما كانت.

وقال قتادة: بلغنا أن زروعهم تحولت حجارة.

وقال محمد بن كعب القرظي: جعل سكَّرَهم حجارة.

وقال ابن أبي حاتم: حدثنا إسماعيل بن أبي الحارث، حدثنا يحيى بن أبي بكير، عن أبي معشر، حدثني محمد بن قيس، أن محمد بن كعب قرأ سورة يونس على عمر بن عبد العزيز حتى بلغ ﴿وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾ إلى قوله: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ﴾ الآية، فقال عمر: يا أبا حمزة أي شيء الطمس؟ قال: عادت أموالهم كلها حجارة. فقال عمر بن عبد العزيز لغلام له: ائتني بكيس. فجاءه بكيس، فإذا فيه حمص وبيض قد حول حجارة (٣).

وقوله: ﴿وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ قال ابن عباس: أي اطبع عليها (٤). ﴿فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾ وهذه الدعوة كانت من موسى غضبًا لله ولدينه على فرعون وملئه الذين تبين له أنهم لا خير فيهم ولا يجيء منهم شيء كما دعا نوح فقال: ﴿رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (٢٦) إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (٢٧)[نوح] ولهذا استجاب الله تعالى لموسى فيهم هذه الدعوة التي أمن عليها أخوه هارون فقال تعالى: ﴿قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾.


= ضعيف، وفي سنده ابن وكيع وهو سفيان، فيه مقال.
(١) أخرجه الطبري كسابقه ويتقوى بما يليه إذ أخرجه ابن أبي حاتم بسند حسن من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير وعن ابن عباس.
(٢) القراءتان بالفتح والضم متواترتان.
(٣) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده ضعيف لضعف أبي معشر وهو نجيح السندي.
(٤) أخرجه الطبري بسند ضعيف من طريق العوفي عن ابن عباس.