للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ليس كذلك، إنما قال رسول الله : "كشاة بين غنمين"، قال: فاحتفظ الشيخ وغضب، فلما رأى ذلك ابن عمر قال: أما إني لو لم أسمعه لم أردّ ذلك عليك (١).

(طريقة أخرى عن ابن عمر) قال الإمام أحمد: حَدَّثَنَا عبد الرزاق، أخبرنا [معمر] (٢)، عن عثمان بن بودويه، عن يَعفُر بن رَوذي، قال: سمعت عبيد بن عمير وهو يقص يقول: قال رسول الله : "مثل المنافق كمثل الشاة الرابضة بين الغنمين"، فقال ابن عمر: ويلكم لا تكذبوا على رسول الله ، إنما قال رسول الله : "مثل المنافق كمثل الشاة [العائرة] (٣) بين الغنمين" (٤)، ورواه ابن أبي حاتم: حَدَّثَنَا أبي، حَدَّثَنَا عبيد الله بن موسى، أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله - هو ابن مسعود -، قال: مثل المؤمن والمنافق والكافر مثل ثلاثة نفر انتهوا إلى واد، فوقع أحدهم فعبر، ثم وقع الآخَر حتَّى إذا أتى على نصف الوادي ناداه الذي على شفير الوادي: ويلك أين تذهب إلى الهلكة، ارجع عودك على بدئك، وناداه الذي عبر: هلم إلى النجاة، فجعل ينظر إلى هذا مرة وإلى هذا مرة، قال: فجاء سيل فأغرقه، فالذي عبر هو المؤمن، والذي غرق المنافق ﴿مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ﴾ والذي مكث الكافر (٥).

وقال ابن جرير: حَدَّثَنَا بشر، حَدَّثَنَا يزيد، حَدَّثَنَا شعبة، عن قتادة: ﴿مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ﴾ يقول: ليسوا بمؤمنين مخلصين، ولا مشركين مصرحين بالشرك، قال: وذكر لنا أن نبي اللّه كان يضرب مثلًا للمؤمنين وللمنافق وللكافر كمثل رهط ثلاثة دفعوا إلى نهر فوقع المؤمن فقطع، ثم وقع المنافق حتَّى إذا كاد يصل إلى المؤمن، ناداه الكافر، أن هلم إلي فإني أخشى عليك، وناداه المؤمن: أن هلم إلي فإن عندي وعندي يحصي له ما عنده، فما زال المنافق يتردد بينهما حتَّى أتى عليه آذيُّ (٦) فغرقه، وإن المنافق لم يزل في شكَّ وشبهة حتَّى أتى عليه الموت وهو كذلك، قال: وذكر لنا أن نبي الله كان يقول: "مثل المنافق كمثل ثاغية (٧) بين غنمين، رأت غنمًا على نشز فأتتها وشامتها فلم تعرف، ثم رأت غنمًا على نشز فأتتها فشامّتها (٨) فلم تعرف" (٩)، ولهذا قال تعالى: ﴿وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا﴾ أي: ومن صرفه عن طريق الهدى ﴿فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا﴾ [الكهف: ١٧] فإنه من يضلل الله فلا هادي له، والمنافقون الذين أضلهم عن سبيل الله فلا هادي لهم ولا منقذ لهم مما هم فيه، فإنه تعالى لا معقب لحكمه ولا يسأل عما يفعل وهم يُسألون.


(١) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٨/ ٤٧٦ ح ٤٨٧٢)، وضعفه محققوه لأن المسعودي اختلط وسماع يزيد وهو ابن هارون بعد الاختلاط ويشهد له ما سبق.
(٢) كذا في (حم) و (مح) والتخريج، وفي الأصل: "عمر" وهو تصحيف.
(٣) كذا في (حم) و (مح) والتخريج، وفي الأصل: "الناعرة" وهو تصحيف.
(٤) أخرجه الإمام أحمد بسنده ومتنه (المسند ٩/ ٤٣٣ ح ٥٦١٠)، وضعفه محققوه بسبب سكوت النقاد عن يَعفُر.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم بسنده ومتنه، وسنده صحيح.
(٦) أي الموج الشديد.
(٧) ثغت الشاة: أي صاحت.
(٨) شامتها: دنت إليها وشمتها لتعرف أهي أخواتها أم غيرها. قاله أحمد شاكر في حاشية الطبري.
(٩) أخرجه الطبري بسنده ومتنه، وسنده صحيح إلى قتادة لكنه مرسل.