فإن عسر الوزن جاز التحري؛ يعني أنه إذا عَسُر الوزن فيما معياره الوزن لعدم ميزان أو غيره فإنه تعتبر المماثلة بين الربويين بالتحري بأن يتحرى وزن هذا ويتحرى وزن هذا حتى يتماثلا. قال عبد الباقي: ومفهوم عسر أنه لو لم يعسر الوزن لم يجز التحري، وأشعر قوله: عسر الوزن، بأن الكيل والعدد لا يعسران وهو واضح؛ إذ يجوز هنا الكيل بغير المعهود، ثم تقييده بالسعر هو قول الأكثر؛ وفي ابن عرفة والمدونة: أنه يجوز التحري في الوزون وإن لم يعسر الوزن. انظر المواق والتتائي. ويعتبر في التحري من شروط الجزاف ما يمكن منها فيه. قاله عبد الباقي. وقال بناني: حاصل ما لابن رشد أن كل ما يباع وزنا ولا يباع كيلا مما هو ربوي تجوز فيه المبادلة والقسمة بالتحري وهو في المدونة، وكل ما يباع كيلا لا وزنا مما هو ربوي لا تجوز فيه المبادلة ولا القسمة بالتحري بلا خلاف، وأما ما ليس بربوي فاختلف في جواز القسمة فيه والمبادلة على التحري على ثلاثة أقوال، أحدها: الجواز فيما يباع وزنا لا كيلا، وهو مذهب ابن القاسم فيما حكي عن ابن عبدوس، والثاني: الجواز مطلقا، وهو مذهب أشهب وقول ابن القاسم في العتبية وابن حبيب. والثالث: عدم الجواز مطلقا، وهو الذي في آخر كتاب المسلم الثالث من المدونة. انتهى باختصار. ومقتضاه ترجيح القول الثالث، ونقل ابن عرفة عن الباجي أن المشهور جواز التحري في الموزون دون المكيل والمعدود، رواه محمد وغيره. انتهى. وهو القول الأول في كلام ابن رشد. انتهى. وسلم الرهوني تشهير الباجي هذا، وقال: إنه صواب، وأما تشهير بناني للقول الثالث فتعقبه هوأي الرهوني بما يعلم بالوقوف عليه.
تنبيه: قال أبو علي: المبادلة تكون بكل آنية ولو كانت مجهولة المقدار وكذا الفخار وأواني النحاس والقفاف. انتهى.
إن لم يقدر علي تحريه لكثرته؛ الصواب الإتيان بلا قبل إن لم يقدر، ومعنى ذلك أنه إنما يجوز التحري المذكور فيما إذا عسر الوزن حيث لم يكثر حتى لا يستطاع تحريه، وأما إن كثر حتى لا يستطاع تحريه فإنه لا يجوز التحري حينئذ، وقد مر أن التقييد بالعسر هو قول الأكثر، وأن في المدونة أنه يجوز التحري في الموزون وإن لم يعسر الوزن، قال ابن رشد: وهذا في المبايعة والمبادلة