للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المدونة بيع القمح وزنا بدراهم لأنه عدول به عن مكياله خشية الوقوع في الضرر، فكيف يباع وزنا بما يمنع التفاضل بينه وبينه وهو دقيقه؟ ابن عرفة: وكنت أجبته بأنه في البيع غرر لأن المعروف فيه الكيل والوزون منه مجهول قدره فيؤدي وزنه إلى جهل قدر البيع، وفي المبادلة بين القمحين المقصود اتحاد قدر ما يؤخذ وما يعطى وهو حاصل في الوزن. قاله ابن غازي. ويرد جوابه قول المص كغيره: واعتبرت المماثلة بمعيار لخ، قال جميعه عبد الباقي بإدخال شيء فيه من كلام الخرشي. القباب: المشهور الذي قاله مالك في المدونة أنه إنما يُراعَى مد قمح بمد دقيق ولا يلتفت إلى القمح إذا طحن يكون أكثر لأن القمح كله لا يجوز بيعه إلا مثلا بمثل في الكيل، ومعلوم أنه إذا طحن يكون دقيق بعضه أكثر، وكذلك القمح بالشعير، وقد سبقه إلى الاستدلال المذكور ابن يونس؛ وقد أجاز الصحابة الشعير بالقمح مثلا مع أن ريعه أكثر من ريع الشعير والدقيق بالقمح مثله لأن للقمح ريعا إذا طحن. قال ابن القاسم: ويجوز القمح بدقيقه أو بدقيق شعير أو سلت مثلا بمثل ولا يجوز متفاضلا. وفي كتاب محمد: وإن كان للحنطة ريع وهذه السمراء أكثر دقيقا من البيضاء وهي مثلا بمثل جائزة، فكان على المص أن يحذف هذا المتردد ويقتصر على المشهور. قاله الرهوني؛ يعني المشهور الذي ذكره القباب وهو أنه يراعى الكيل في بيع القمح بالدقيق. انتهى. والريع الزيادة. والله سبحانه أعلم.

تنبيه: هذا الذي قررت به المص هو الذي قرره به غير واحد وهو ظاهره، وقرره بعضهم بقوله: وهل الجواز إن وزنا لا إن كيلا أو الجواز إن كيلا لا إن وزنا؟ فيكون شق المتردد المطوي ما مر عن ابن عبد السلام؛ وهذا وإن كان خلاف ظاهر المص هو المعتمد من جهة النقل، وقال أبو علي: الراجح الجواز مطلقا، وقال بناني: قال ابن شأس: اختلف في بيع القمح بالدقيق، فقيل: بالجواز مطلقا، وقيل: بنفيه مطلقا، وقيل: بجوازه بالوزن لا بالكيل؛ وبعض المتأخرين يرى أن هذا تفسير للقولين: وبعضهم ينكر ذلك، وإلى هذا أشار بالتردد. والله سبحانه. أعلم.

تنبيه آخر: قد مر قول المص: واعتبر الدقيق في خبز بمثله، ومر أنه إنما يعتبر الدقيق حيث كان الخبزان من صنف واحد وأما من صنفين فيعتبران بالوزن. انتهى. وهذا في البيع ومثله هبة الثواب، وأما في القرض فيكفي وزن الخبزين لصعوبة تحري الدقيق ولأنه معروف قل ذلك القرض