للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والهدى من الله سبحانه يكون بالتوفيقِ والإلهامِ، والإضلالُ يكون بمنع هذا التوفيق، فمن منعه الله التوفيق ولم يمنحه إياه؛ لزم من ذلك أن يَضل، فالعبد بين التوفيق والخذلان، فمن وفقه الله؛ اهتدى، ومن لم يوفقْه؛ ضلَّ، كما قال الله سبحانه في الحديث القدسي، الذي رواه الإمام مسلم في «صحيحه» عن أبي ذر: «يا عبادي كلكم ضالٌّ إلا مَنْ هديتُه؛ فاستهدُوني أَهْدِكم» (١).

وهذا الإقرار والاعتراف يتضمن توحيد الربوبية؛ فإن كونه تعالى رب كل شيء؛ يقتضي أنه المتفرد بالعطاء والمنع، والهدى والإضلال، وهذا هو تحقيق توحيد الربوبية.

قوله: (وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) هاتان الشهادتان؛ هما أصل دين الإسلام، كما قال النبي : «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله» (٢) الحديثَ، متفق على صحته.

والشهادة؛ هي: العلم بالشيء، والإقرار به، فلا بُدَّ في الشهادة من العلم، كما قال تعالى: ﴿إِلاَّ مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُون (٨٦)[الزخرف].

ولا بدَّ من الإقرار، فقول العبد: «أشهد أن لا إله إلا الله»، أي: أقِرُّ وأعترف ظاهراً وباطناً بأنه «لا إله إلا الله».

فتضمنت الشهادتان: الإقرارَ بالتوحيد الذي هو أصل دين الرسل، والإقرار برسالة محمد التي لا يتحقق إسلام العبد إلا بها


(١).
(٢) البخاري (٨) - واللفظ له -، ومسلم (١٦) من حديث ابن عمر .

<<  <   >  >>