فمن وقاه الله شر نفسه وسوء عمله؛ فقد أفلح ونجا، وهذان الشرَّان هما مصدرُ كلِّ سوء وشرٍّ يتضرر به العبد، كما قال تعالى: ﴿وَمَا أَصَابَكُم مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشورى: ٣٠].
قال ابن القيم في هذا التعوذ:
وسَلِ العياذَ من اثنتين هما اللَّتَ … انِ بِهُلْكِ هذا الخلق كافِلَتانِ
شرُّ النفوس وسيِّئُ الأعمالِ ما … واللهِ أعظمُ مِنهما شَرَّانِ
ولقد أتى هذا التعوذُ مِنهما … في خُطْبةِ المبعوثِ بالقرآنِ (١)
قوله:(من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له) في هذا اعتراف بتفرد الرب ﷾ بالهداية والإضلال، فهو الذي يهدي من يشاء، ويضل من يشاء، فلا هادي لمن أضل، ولا مضل لمن هدى.
وهذا المعنى جاء صريحاً في القرآن، قال تعالى: ﴿أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَاد (٣٦) وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُّضِلٍّ﴾ [الزمر: ٣٦ - ٣٧]، وقال سبحانه: ﴿مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُّرْشِدًا (١٧)﴾ [الكهف]، وقال تعالى: ﴿مَنْ يَهْدِ اللّهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِي وَمَنْ يُضْلِلْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُون (١٧٨)﴾ [الأعراف]، وقال سبحانه: ﴿مَنْ يُضْلِلِ اللّهُ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُون (١٨٦)﴾ [الأعراف]. فالرب تعالى هو المتفرد بالهدى والإضلال، وهو المتفرد