للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله: (نحمده) هذا فيه توكيد للحمد الأول، فله الحمد الثابت؛ لأن الجملة الاسمية (الحمد لله) تفيد: الثبات، وله الحمد المتجدد؛ لأن الجملة الفعلية (نحمده) تفيد: التجدد (١).

فهو تعالى المستحق للحمد كله على الإطلاق، وله منَّا أن نحمده حمداً متجدداً في الحاضر، وفي المستقبل، كلٌّ بحسب ما وفقه الله تعالى له، فهو سبحانه كما أثنى على نفسه، وفوق ما يثني به عليه عباده.

قال أعلم الخلق به : «أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك» (٢).

والعباد لا يستطيعون أن يثنوا على الله تعالى كما يستحق لذاته؛ لأن العباد لا يعلمون كلَّ ما لله من الأسماء والصفات (٣) حتى الرسول، لا يعلم كنه صفاته ، لذلك قال : «لا أحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك»، وقال في حديث الشفاعة: «فأقع ساجداً لربي ﷿، ثم يفتح الله عليَّ من محامده، وحسن الثناء عليه: شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي» (٤).

وحمدُ العباد لربهم بحسب علمهم به تعالى، فمن كان أعلم بأسماء الله تعالى وصفاته؛ كان أقدر على حمده ممن ليس كذلك،


(١) «الإيضاح في علوم البلاغة» ص ٩٩.
(٢) رواه مسلم (٤٨٦) من حديث عائشة .
(٣) «درء تعارض العقل والنقل» ٣/ ٣٣٢.
(٤) رواه البخاري (٤٧١٢) - واللفظ له -، ومسلم (١٩٤) من حديث أبي هريرة .

<<  <   >  >>