للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: فقد اتصل ما في هذا الحديث من المرسل من هذا الوجه الآخر الذي ذكرناه، والحمد لله (١).

وقوله: "أهل الدثور" يعني أهل الأموال الكثيرة، وواحد الدثور دَثْرٌ بفتح الدال المهملة، وسكون الثاء المثلثة، وهو المال الكثير. ووقع في آخر هذا الحديث أيضًا زيادةٌ، أوردها مسلم غير متصلة، وهي قوله بعد انقضائه: وزاد غير قتيبة في هذا الحديث، عن الليث، عن ابن عجلان: قال سمي: فحدثت بعض أهلي هذا الحديث، فقال: وَهِمتَ، وذكر باقي الحديث، وهذا غير متصل كما ترى.

(٤٩) - ووقع أيضًا مثل ذلك في "كتاب الجهاد" (٢) في حديث أخرجه عن شيبان ابن فَرُّوخ، عن سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن عبد الله بن رَبَاح، عن أبي هريرة، قال: وَفَدَتْ وُفود إلى معاوية ... وساق الحديث إلى قوله: ورسول الله -صلى الله عليه وسلم- في كتيبة، قال: فنظر فرآني، فقال: "أبو هريرة" قلت: لبيك يا رسول الله، قال: "لا يأتيني إلا أنصاري"، قال مسلم: زاد غير شيبان: "اهتف لي بالأنصار"، قال: فأطافوا به، وهذه الزيادة غير متصلة أيضًا في الكتاب. والله أعلم.

(٥٠) - حديث آخر: وقع في آخره زيادة مرسلة، وهو حديث أخرجه في "الصلاة" (٣) من حديث مالك، عن ابن شهاب، عن سعيد، وأبي سلمة أنهما أخبراه عن


(١) هذا الذي اعتبره الحافظ الرشيد العطار رحمه الله تعالى من كون الحديث متّصلًا من هذا الوجه، لا يراه الحافظ ابن حجر متّصلا، لأنه ذكر فيه قول أبي صالح مدرجًا، لكنه قوّاه، ونصّه في "الفتح": زاد مسلم في رواية ابن عجلان، عن سمي، قال أبو صالح: فرجع فقراء المهاجرين إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقالوا: سمع إخواننا أهل الأموال بما فعلناه، ففعلوا مثله، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ... " ثم ساقه مسلم من رواية رَوْح بن القاسم، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكر طرفا منه، ثم قال بمثل حديث قتيبة، قال: إلا أنه أدرج في حديث أبي هريرة قول أبي صالح: فرجع فقراء المهاجرين. قلت: وكذا رواه أبو معاوية، عن سهيل مدرجا، أخرجه جعفر الفريابي. وتَبَيَّن بهذا أن الزيادة المذكورة مرسلة. وقد روى الحديث البزار من حديث ابن عمر، وفيه: "فرجع الفقراء"، فذكره موصولا، لكن قد قدّمت أن إسناده ضعيف. ورواه جعفر الفريابي من رواية حرام بن حكيم، وهو بحاء وراء مهملتين، عن أبي ذر، وقال فيه: فقال أبو ذر: يا رسول الله، إنهم قد قالوا مثل ما نقول، فقال: "ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء". ونقل الخطيب أن حرام بن حكيم يرسل الرواية عن أبي ذر، فعلى هذا لم يصح بهذه الزيادة إسناد، إلا أن هذين الطريقين يُقَوَّى بهما مرسل أبي صالح. انتهى كلام الحافظ في "الفتح".
والحاصل أن الزيادة مرسلة، لا تصحّ بوجه من الوجوه متصلة، إلا أن الحافظ قوّاه بما ذُكر، من الروايات، إلا أنك عرفت ما فيها من الكلام. فالله تعالى أعلم.
(٢) "باب فتح مكة" ٣/ ١٤٠٥ حديث ٨٤.
(٣) "باب التسميع والتحميد والتأمين" ١/ ٣٠٧ حديث ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>