للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

[تنبيه]: قال في "الفتح": وقع لابن دقيق العيد في "شرح العمدة": أن أصل الحياء الامتناع، ثم استعمل في الانقباض، قال: والحقّ أن الامتناع من لوازم الحياء، ولازم الشيء لا يكون أصله، ولَمّا كان الامتناع لازم الحياء، كان في التحريض على ملازمة الحياء حَضٌّ على الامتناع عن فعل ما يعاب، قال: والحيا - بالقصر -: المطر. انتهى (١).

(فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ) بالموحّدة، والمعجمة، مصغّرًا، تابعيّ جليلٌ، تقدّمت ترجمته في "المقدّمة" ٤/ ١٩.

[فائدة]: ليس في الكتب الستة من يُسمّى بُشيرًا مصغّرًا إلا ابن كعب هذا، وابن يسار الأنصاريّ الحارثيّ المدنيّ الفقيه، وقلت في هذا:

ابْنَ يَسَارٍ وَابْنَ كَعْبٍ قُلْ بُشَيْرْ … مُصَغِّرَا سِوَاهُ كَبِّرْ دُونَ ضَيْرْ

والله تعالى أعلم.

(إِنَّهُ) الضمير للشأن، أي إن الشأن والأمر (مَكْتُوبٌ فِي الْحِكْمَةِ) قال الراغب الأصبهانيّ رحمه الله تعالى: الحكمة إصابة الحقّ بالعلم والعقل، فالحكمة من الله تعالى معرفة الأشياء، وإيجادها على غاية الإحكام، ومن الإنسان معرفة الموجودات، وفعل الخيرات، وهذا هو الذي وُصف به لقمان في قوله تعالى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ} [لقمان: ١٢]، ونَبّه على جملتها بما وصفه بها، فإذا قيل في الله تعالى: هو حكيم، فمعناه بخلاف معناه إذا وُصف غيره، ومن هذا الوجه قال الله تعالى: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ (٨)} [التين: ٨]، وإذا وُصف به القرآن فلتضمّنه الحكمة، نحو: {الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ (١)} [يونس: ١]، وعلى ذلك قال: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ (٤) حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} [القمر: ٤ - ٥]، وقيل: معنى الحكيم: الْمُحْكَم، نحو {أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود: ١]، وكلاهما صحيح، فإنه مُحْكَمٌ، ومُفيدٌ للحكم، ففيه المعنيان جميعًا، والْحُكْمُ أعمّ من الحكمة، فكلُّ حكمة حُكْمٌ، وليس كلّ حُكْم حِكْمةً، فإن الْحُكْم أن يُقضى بشيء على شيء، فيقول: هو كذا، أو ليس كذا، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من الشعر لحكمةً"، رواه البخاريّ: أي قضيّةً صادقةً، وذلك نحو قول لبيد:


(١) "الفتح" ١٠/ ٦٤٠.