للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

الجمهور أن من أدرك الإمام راكعًا دخل معه، واعتدّ بتلك الركعة، وإن لم يدرك شيئا من القراءة.

واستدلّوا على ذلك بحديث أبي هريرة -رضي اللَّه عنه-: "من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة في صلاته يوم الجمعة، فليضف إليها ركعة أخرى"، رواه الدارقطنيّ من طريق ياسين بن معاذ، وهو متروك، وأخرجه الدارقطنيّ بلفظ: "إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة، فقد أدرك، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى"، ولكنه رواه من طريق سليمان بن داود الحرانيّ، ومن طريق صالح بن أبي الأخضر، وسليمان متروك، وصالح ضعيف.

على أن التقييد بالجمعة في كلا الروايتين مُشْعِرٌ بأن غير الجمعة بخلافها، وكذا التقييد بالركعة في الرواية الأخرى يدل على خلاف المدَّعَى؛ لأن الركعة حقيقة لجميعها، وإطلاقها على الركوع وما بعده مجاز، لا يصار إليه إلا لقرينة، كما وقع عند مسلم من حديث البراء -رضي اللَّه عنه- بلفظ: "فوجدت قيامه، فركعته، فاعتداله، فسجدته"، فإن وقوع الركعة في مقابلة القيام، والاعتدال، والسجود، قرينة تدلّ على أن المراد بها الركوع.

وقد ورد حديث: "من أدرك ركعة من صلاة الجمعة" بالفاظ لا تخلو طرقها عن مقال، حتى قال ابن أبي حاتم في "العلل" عن أبيه: لا أصل لهذا الحديث، إنما المتن: "من أدرك من الصلاة ركعة، فقد أدركها".

وكذا قال الدارقطنيّ، والْعُقَيليّ، وأخرجه ابن خزيمة عن أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا بلفظ: "من أدرك ركعة من الصلاة، فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه"، وليس في ذلك دليل لمطلوبهم، لما عرفت من أن مسمى الركعة جميع أذكارها، وأركانها حقيقة شرعية وعرفية، وهما مقدمتان على اللغوية، كما تقرر في الأصول، فلا يصح جعل حديث ابن خزيمة، وما قبله قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي.

فإن قلت: فأي فائدة على هذا في التقييد بقوله: "قبل أن يقيم الإمام صلبه"؟.

قلت: دفع توهّم أن من دخل مع الإمام، ثم قرأ الفاتحة، وركع الإمام قبل فراغه منها غير مدرك.