ويَحْتَمل أن تكون عائشة -رضي اللَّه عنها- نسيت لشدّة غيرتها وجوب القسم عليه، حتى ظن ذلك منه، والاحتمال الأول أقوى، وأظهر، وستأتي المسألة مفصّلة موضّحة في محلّها -إن شاء اللَّه تعالى-.
(فَتَحَسَّسْتُ) بالحاء المهملة: أي تطلّبته، وفي رواية النسائيّ في "كتاب عشرة النساء": "فتجسّسته" بالجيم، وهو بمعنى الأول.
قال في "اللسان": تَحَسَّس الخبرَ: تطلّبه، وتَبَحّثه، وفي التنزيل:{يَابَنِيَّ اذْهَبُوا فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ} الآية [يوسف: ٨٧]، وقال اللِّحْيانيّ: تَحَسّس فلانًا، ومن فلان: أي تبحّث، وقال أبو عبيدة: تحسّستُ الخبرَ، وتحسّيته، وقال شَمِر: تَنَدّسه مثلُهُ، وقال أبو معاذ: التحسّس شِبْهُ التسمّع والتبصّر، قال: والتجسّس بالجيم: البحث عن العورة، وقال ابن الأعرابيّ: تجسّس الخبرَ، وتحسّسه بمعنى واحد.
وقال أيضًا: التجسّس بالجيم: التفتيش عن بواطن الأمور، وأكثر ما يقال في الشرّ، وقيل: التجسّس بالجيم: أن يطلبه لغيره، وبالحاء أن يطلبه لنفسه، وقيل: بالجيم البحث عن العورات، وبالحاء الاستماع. انتهى (١).
(ثُمّ رَجَعْتُ) أي من المحلّ الذي ذهبت إليه لتطلبه فيه، ولعلّها خرجت تبحث عنه في بعض بيوت أزواجه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلما لم تجده رجعت إلى بيتها (فَإِذَا هُوَ رَاكِعٌ أَوْ سَاجِدٌ)"إذا" هنا هي الْفُجائيّة، أي ففاجأني ركوعه -صلى اللَّه عليه وسلم- (يَقُولُ) جملة في محلّ نصب على الحال، أي حال كونه -صلى اللَّه عليه وسلم- قائلًا: ("سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ) تقدّم شرح هذه الجملة قريبًا (لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ") أي لا معبود بحقّ إلا أنت وحدك لا شريك لك.