للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

لفظه؛ أي يقرأ هذه السورة (فَقَالَتْ: يَا بُنَيَّ) تصغير "ابن" تصغير تلطّف وتعطّف (لَقَدْ) اللام هي الموطّئة للقسم؛ أي واللَّه لقد (ذَكَّرْتَنِي) بتشديد الكاف، فيه حذف المفعول الثاني لـ "ذَكّر" أي قراءة النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وذكر الكرمانيّ في "شرح البخاريّ" أنه يُروى بتخفيف الكاف.

قال الجامع عفا اللَّه عنه: وفي ثبوت ما ذكره نظر؛ لأن ذَكَرَ المخفّف لا يناسب هنا، كما لا يخفي، واللَّه تعالى أعلم.

وقوله: (بِقِرَاءَتِكَ) قال الكرمانيّ: ويُروى: "بقرآنك" (١). (هَذِهِ السُّورَةَ) متعلّق "بقراءتك" على مختار البصريين؛ لقربه، أو بـ "ذكّرتني" على مختار الكوفيين؛ لتقدّمه، وإليه أشار ابن مالك -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "خلاصته" حيث قال:

إِنْ عَامِلَانِ اقْتَضَيَا فِي اسْمٍ عَمَلْ … قَبْلُ فَلِلْوَاحِدِ مِنْهُمَا الْعَمَلْ

وَالثَّانِ أَوْلَى عِنْدَ أهْلِ الْبَصْرَهْ … وَاخْتَارَ عَكْسًا غَيْرُهُمْ ذَا أَسْرَهْ

(إِنَّهَا) بكسر الهمزة؛ لوقوعها في الابتداء، كما قال في "الخلاصة":

فَاكْسِرْ فِي الابْتِدَا وَفِي بَدْءِ صِلَهْ … وَحَيْثُ "إِنَّ" لِيَمِينٍ مُكْمِلَهْ

وجملة "إنّ. . . إلخ" مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا عن سؤال مقدَّر، فكأنه قال لها: أيّ شيء ذكّرتك؛، فقالت: إنها (لَآخِرُ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) وفي نسخة: "من رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-" (يَقْرَأُ بِهَا) أي بسورة {وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا (١)} [المرسلات: ١]، والجملة في محلّ نصب على الحال، أو مفعول ثان لـ "سمعت" على رأي من يقول: إنها من أخوات "ظنّ" (فِي الْمَغْرِبِ) أي في صلاة المغرب.

وقال الكرمانيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "يقرأ بها" إما حال، وإما استئناف، وعلى الحال يَحْتَمل سماعها منه -صلى اللَّه عليه وسلم- القرآن بعد ذلك، وعلى الاستئناف لا يَحْتَمِل. انتهى (٢).

[فإن قلت]: سيأتي في الرواية التالية من طريق صالح بن كيسان، عن الزهريّ أن هذه الصلاة آخر صلوات النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ولفظه: "ثم ما صلّى بعدُ حتى قبضه اللَّه -عَزَّ وَجَلَّ-"، وقد ثبت في حديث عائشة -رضي اللَّه عنها- أن الصلاة التي صلّاها


(١) "شرح الكرمانيّ" ٥/ ١٢٨.
(٢) "شرح الكرمانيّ" ٥/ ١٢٨.