للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

يُؤَكِّدَانِ افْعَل وَيَفْعَل آتِيَا … ذَا طَلَبٍ أَوْ شَرْطًا إِمَّا تَالِيَا

أَوْ مُثْبَتًا فِي قَسَمٍ مُسْتَقْبَلَا … وَقَلَّ بَعْدَ مَا وَلَمْ وَبَعْدَ لَا

وَغَيْرِ إِمَّا مِنْ طَوالِبِ الْجَزَا … . . . . . . . . . . . .

وأما قوله [من الكامل]:

دَامَنَّ سَعْدُكِ لَوْ رَحِمْتِ مُتَيَّمًا … لَوْلَاكِ لَمْ يَكُ لِلصَّبَابَةِ جَانِحَا

فشاذّ لا يقاس عليه، واللَّه تعالى أعلم.

(فَلْيَأْتِ النَّهْرَ الَّذِي يَرَاهُ) بضم أوله، وفتحه؛ أي: يظنّه (نَارًا، وَلْيُغَمِّضْ) من التغميض، وهو تغطية العينين بالأجفان؛ أي: ليطبّق عينيه (ثُمَّ لْيُطَأْطِئْ)؛ أي: ليخفض (رَأْسَهُ) إلى ذلك الذي يراه نارًا (فَيَشْرَبَ مِنْهُ، فَإِنَّهُ)؛ أي: لأنه (مَاءٌ بَارِدٌ) وفي حديث سفينة عند أحمد، والطبرانيّ: "معه واديان: أحدهما جنة، والآخر نار، فناره جنة، وجنته نار"، وفي حديث أبي أمامة عند ابن ماجه: "وإن من فتنته أن معه جنة ونارًا، فناره جنة، وجنته نار، فمن ابتُلي بناره، فليستغث باللَّه، وليقرأ فواتح "الكهف"، فتكون عليه بردًا وسلامًا".

قال الحافظ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: وهذا كله يرجع إلى اختلاف المرئيّ بالنسبة إلى الرائي، فإما أن يكون الدجال ساحرًا، فيُخَيِّل الشيء بصورة عكسه، وإما أن يجعل اللَّه باطن الجنة التي يسخرها الدجال نارًا، وباطن النار جنة، وهذا هو الراجح، وإما أن يكون ذلك كناية عن النعمة والرحمة بالجنة، وعن المحنة والنقمة بالنار، فمن أطاعه فأنعم عليه بجنته يَؤُوْل أمره إلى دخول نار الآخرة، وبالعكس، ويَحْتَمِل أن يكون ذلك من جملة المحنة، والفتنة، فيرى الناظر إلى ذلك من دهشته النار، فيظنها جنة، وبالعكس. انتهى (١).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: الأرجح كما سبق عن الحافظ أن اللَّه تعالى يقلب جنته نارًا، وناره جنة، كما هو ظواهر هذه النصوص، فلا داعي إلى التكلّف بالتأويل البارد، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(وَإِنَّ الدَّجَّالَ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ)؛ أي: مطموس ضوؤها، وإدراكها، فلا يبصر بها شيئًا. (عَلَيْهَا) أي على عينه (ظَفَرَةٌ) بفتحتين؛ أي: لحمة (غَلِيظَةٌ) قال


(١) "الفتح" ١٦/ ٥٨٨.