للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

رجال هذا الإسناد: خمسة:

وكلّهم تقدّموا غير مرّة، و"أبو مالك الأشجعيّ" هو: سعد بن طارق بن أشيم التابعيّ الكوفيّ، ومن لطائفه أن فيه رواية تابعيّ عن تابعيّ مخضرم، وأنه مسلسل بالكوفيين غير يزيد، فواسطيّ.

شرح الحديث:

(عَنْ رِبْعِيِّ) بكسر الراء، وسكون الموحّدة، وكسر العين المهملة: اسم بلفظ النسب، وليس بنَسَب. (ابْنِ حِرَاشٍ) بحاء مهملة، وآخره شين معجمة، (عَنْ حُذَيْفَةَ) -رضي اللَّه عنه-؛ أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لأَنَا أَعْلَمُ بِمَا مَعَ الدَّجَّالِ مِنْهُ" قال القرطبيّ -رضي اللَّه عنه-: هذا جواب قَسَم محذوف؛ أي: واللَّه لأنا أعلم؛ أي: إن الدجّال لا يعلم حقيقة ما معه من الجنة والنار، ولا من النهرين، أي أنه يظنهما كما يراهما غيره، فيظن جنته جنّة، وماءه ماء، وحقيقة الأمر على الخلاف من ذلك، فيكون قد لُبِّس عليه فيهما، والنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قد عَلِم حقيقة كل واحد منهما، ولذلك بيّنه، فقال: "ناره ماء بارد"، وفي اللفظ الآخر: "فجنته نار، وناره جنة"، وهذا الكلام رواه مسلم عن حذيفة -رضي اللَّه عنه- من قول النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في هذا الطريق، وقد رواه من طريق أخرى موقوفًا على حذيفة -رضي اللَّه عنه- من قوله، وقد رواه أبو داود من حديث ربعيّ بن حِراش، قال: "اجتمع حذيفة، وأبو مسعود، فقال حذيفة: لأنا أعلم بما مع الدجال منه" (١).

(مَعَهُ نَهْرَانِ يَجْرِيَانِ، أَحَدُهُمَا)؛ أي: أحد النهرين، (رَأْيَ الْعَيْنِ) منصوب بنزع الخافض؛ أي: في رأي العين، ونَظَرِها (مَاءٌ أَبْيَضُ، وَ) النهر (الآخَرُ رَأْيَ الْعَيْنِ) أي رأي العين (نَارٌ تَأَجَّجُ)؛ أي: تتقد، وتتلهّب، وأصله: تتأجّج بتاءين، فحُذفت إحداهما تخفيفًا، كما في قوله تعالى: {نَارًا تَلَظَّى} [الليل: ١٤]، قال في "الخلاصة":

وَمَا بِتَاءَيْنِ ابْتُدِي قَدْ يُقْتَصرْ … فِيهِ عَلَى تَا كَـ "تَبَيَّنُ الْعِبَرْ"

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: قوله: "رأي العين" منصوب على الظرف؛ أي: حين


(١) "المفهم" ٧/ ٢٧٣.