للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للاستراحة (فَتَفَرَّقَ النَّاسُ)؛ أي: رِفقتنا في الأشجار طلبًا لظلّها، (وَبَقِيتُ) بكسر القاف، (أَنَا) أكّده بالضمير المنفصل؛ ليمكنه العطف بلا ضعف، كما مرّ غير مرّة، وقوله: (وَهُوَ) عطف الضمير الفاعل، (فَاسْتَوْحَشْتُ)؛ أي: نفرت نفسي (مِنْهُ)؛ أي: من مجالسته، (وَحْشَةً شَدِيدَةً)، وقوله: (مِمَّا يُقَالُ عَلَيْهِ) تعليل لاستيحاشه منه؛ أي: إنما استوحشت منه لأجل ما يقول الناس فيه، من أنه الدجّال. (قَالَ) أبو سعيد: (وَجَاءَ) ابن صائد (بِمَتَاعِهِ، فَوَضَعَهُ مَعَ مَتَاعِي، فَقُلْتُ: إِنَّ الْحَرَّ شَدِيدٌ، فَلَوْ وَضَعْتَهُ تَحْتَ تِلْكَ الشَّجَرَةِ) مشيرًا إلى شجرة قريبة منهما؛ أي: لكان خيرًا، فـ "لو" شرطيّة، جوابها مقدّر، كما ذكرته، ويَحْتَمِل أن تكون للتمنّي، فلا جواب لها؛ أي: أتمنى أن تضع متاعك تحت تلك الشجرة. (قَالَ) أبو سعيد: (فَفَعَلَ) ابن صائد ما أشرت به إليه، من وَضْع متاعه تحت الشجرة المشار إليها. (قَالَ) أبو سعيد: (فَرُفِعَتْ) بالبناء للمفعول؛ أي: ظهرت، وكُشفت، (لَنَا غَنَمٌ) قال الفيّوميّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: الغَنَمُ اسم جنس، يُطلق على الضأن، والمعز، وقد تُجمع على أَغْنَامٍ، على معنى قُطَعانات من الغنم، ولا واحد لِلْغَنَمِ من لفظها، قاله ابن الأنباريّ، وقال الأزهريّ أيضًا: الغَنَمُ الشاء، الواحدة شاة، وتقول العرب: راح على فلان غَنَمَانِ؛ أي: قَطِيعان من الغَنَمِ، كل قطيع منفرد بمرعى، وراعٍ، وقال الجوهريّ: الغَنَمُ اسم مؤنثٌ موضوع لجنس الشاء، يقع على الذكور، والإناث، وعليهما، ويُصَغَّر، فتدخل الهاء، ويقال: غُنَيْمَةٌ؛ لأن أسماء الجموع التي لا واحد لها من لفظها، إذا كانت لغير الآدميين، وصُغِّرت فالتأنيث لازم لها. انتهى (١).

(فَانْطَلَقَ) ابن صائد إلى تلك الغنم (فَجَاءَ) عطف على مقدّر؛ أي: فحلب، فجاء، والظاهر أن عادة أصحاب الغنم السماح لابن السبيل أن يحلب غنمهم، ويشرب، وقوله: (بِعُسٍّ) بضمّ العين، وتشديد السين المهملتين: القدح الكبير، والجمع عِسَاس، مثلُ سِهام، وربّما قيل: أَعساس، مثلُ قُفْل وأقفال (٢). (فَقَالَ) ابن صائد لأبي سعيد: (اشْرَبْ) يا (أَبَا سَعِيدٍ)، قال أبو سعيد: (فَقُلْتُ) له: لا أشرب، ثم علّل ذلك بقوله: (إِنَّ الْحَرَّ)؛ أي: حرّ الجوّ


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٥٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤٠٩.