للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

صِدقه، فوجب تصديقه (١).

(فَقَالَ هُوَ) أي ابن صيّاد للنبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: (أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ؟) وفي رواية الترمذيّ: "فقال: أتشهد إنت أني رسول اللَّه"، (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "آمَنْتُ بِاللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ، وَكُتُبِهِ) وفي رواية: "آمنت باللَّه، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر وفي حديث ابن عمر الآتي: "آمنت باللَّه ورسله"، والمعنى إني آمنت برسل اللَّه تعالى، ولست منهم، قيل: إنما لم يصرح النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- بالإنكار عليه في دعوى رسالته؛ لأن ابن صيّاد لم يصرح بدعواها، وإنما سأله على طريق الاستفهام، حيث قال: أتشهد أني رسول اللَّه؟، ويحتمل أنه أعاد سؤال النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- تهكمًا، ولم يقصد دعوى الرسالة، فاحتاط -صلى اللَّه عليه وسلم- في الردّ عليه، واللَّه أعلم.

قال الزين ابن الْمُنَيِّر -رَحِمَهُ اللَّهُ-: إنما عَرَض النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الإسلام على ابن صياد بناءً على أنه ليس الدجال المحذَّر منه.

وتعقّبه الحافظ، فقال: ولا يتعيّن ذلك، بل الذي يظهر أن أمره كان محتملًا، فأراد اختباره بذلك، فإن أجاب غلب ترجيح أنه ليس هو، وإن لم يُجب تمادى الاحتمال، أو أراد باستنطاقه إظهار كذبه المنافي لدعوى النبوة، ولمّا كان ذلك هو المراد أجابه بجواب منصف، فقال: "آمنت باللَّه، ورسله".

وقال القرطبيّ: كان ابن صياد على طريقة الكهنة، يُخبر بالخبر، فيصحّ تارة، ويفسد أخرى، فشاع ذلك، ولم ينزل في شأنه وحي، فأراد النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- سلوك طريقة يختبر حاله بها؛ أي: فهو السبب في انطلاق النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إليه.

وقد روى أحمد من حديث جابر -رضي اللَّه عنه-: "قال: ولدت امرأة من اليهود غلامًا ممسوحة عينه، والأخرى طالعة ناتئة، فأشفق النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يكون هو الدجال"، وللترمذيّ عن أبي بكرة -رضي اللَّه عنه- مرفوعًا: "يمكث أبو الدجال وأمه ثلاثين عامًا لا يولد لهما، ثم يولد لهما غلام أضرّ شيء، وأقله منفعةً، قال: ونَعَتَهما، فقال: أما أبوه فطويل، ضرب اللحم، كأن أنفه منقار، وأما أمه ففرضاخة" أي بفاء مفتوحة، وراء ساكنة، وبمعجمتين، والمعنى أنها ضخمة


(١) "الفتح" ٦/ ١٧٢.