قال العلماء: استَكشف النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أمره ليبيّن لأصحابه تمويهه؛ لئلا يلتبس حاله على ضعيف لم يتمكن في الإسلام.
ومحصّل ما أجاب به النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه قال له على طريق الفرض والتنزل: إن كنت صادقًا في دعواك الرسالة، ولم يختلط عليك الأمر، آمنت بك، وإن كنت كاذبًا، وخلط عليك الأمر فلا، وقد ظهر كذبك، والتباس الأمر عليك، فلا تعدو قَدْرك.
وقوله:"إن يكن هو" كذا للأكثر، وللكشميهنيّ:"إن يكن" على وصل الضمير، واختار ابن مالك جوازه، ثم الضمير لغير مذكور لفظًا، وقد وقع في حديث ابن مسعود عند أحمد:"إن يكن هو الذي تخاف، فلن تستطيعه"، وفي مرسل عروة عند الحارث بن أبي أسامة:"إن يكن هو الدجال".
وقوله:"فلن تسلط عليه" في حديث جابر: "فلست بصاحبه، إنما صاحبه عيسى ابن مريم". وقوله:"وإن لم يكن هو فلا خير لك في قتله". قال الخطابيّ: وإنما لم يأذن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- في قتله مع ادّعائه النبوة بحضرته؛ لأنه كان غير بالغ، ولأنه كان من جملة أهل العهد، قال الحافظ: الثاني هو المتعيّن، وقد جاء مصرحًا به في حديث جابر، عند أحمد، وفي مرسل عروة:"فلا يحل لك قتله"، قال: ثم إن في السؤال عندي نظرًا؛ لأنه لم يصرح بدعوى النبوة، وإنما أوهم أنه يدعي الرسالة، ولا يلزم من دعوى الرسالة دعوى النبوة، قال اللَّه تعالى:{أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ} الآية [مريم: ٨٣]. انتهى (١).
والحديث من أفراد المصنّف، وقد مضى تمام البحث فيه، وللَّه الحمد.
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف -رَحِمَهُ اللَّهُ- أوّلَ الكتاب قال: