للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

جمع فِيلٍ، وفي رواية للبخاريّ: "مثلُ آذان الفُيُول" وهو أيضًا جمع فيل، قال ابن دحية: اختيرت السدرة دون غيرها؛ لأن فيها ثلاثة أوصاف: ظلّ ممدود، وطعائم لذيذٌ، ورائحة زكيّة، فكانت بمنزلة الإيمان الذي يَجمع القول والفعل والنيّة، فالظلّ بمنزلة العمل، والطعم بمنزلة النيّة، والرائحة بمنزلة القول. انتهى (١). (وَإِذَا ثَمَرُهَا) وفي رواية: "فإذا نَبِقها" بفتح النون، وكسر الموحّدة وسكونها أيضًا، قال ابن دحية: والأول هو الذي ثبت في أصل الرواية، أي التحريك، و"النَّبِقُ": معروف وهو ثَمَرُ السدر (٢)، (كَالْقِلَالِ) بكسر القاف، جمع قُلّة بالضمّ، وهي: جَرَّةٌ عظيمة، تَسَعُ قِرْبتين أو أكثر، يريد أن ثمرها في الكبر مثل القلال، وفي الرواية الآتية: "مثلُ قلال هَجَر"، و"هَجَر" بفتحتين بلد بقرب المدينة، لا تنصرف للعلميّة والتأنيث باعتبار البقعة، ويجوز صرفها باعتبار المكان، قال الخطابيّ - رَحِمَهُ اللهُ -: يريد أن ثمرها في الكثرة مثل القلال، وكانت معروفةً عند المخاطبين، فلذلك وقع التمثيل بها، قال: وهي التي وقع تحديد

الماء الكثير بها في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا بلغ الماء قلتين … " الحديث (٣)، (قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - (فَلَمَّا غَشِيَهَا) بكسر الشين، من باب تَعِبَ؛ أي: غطّاها، (مِنْ أَمْرِ اللهِ مَا غَشِيَ) "ما" موصولة فاعل "غشيها"، وعبّر بها تفخيمًا وتعظيمًا للأمر، كما في قوله تعالى: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ} [طه: ٧٨]، وقال القرطبيّ: يعني غشيها من جلال الله تعالى وعظيم شأنه وسلطانه، (تَغَيَّرَتْ) أي: انتقلت عن حالها الأول إلى حال أخرى أحسن منها، (فَمَا) نافية، أي: ليس (أَحَدٌ مِنْ خَلْقِ اللهِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْعَتَهَا) بفتح العين، يقال: نَعَتَ الرجلُ صاحبه نَعْتًا، من باب نَفَعَ: إذا وصفه، ونَعَتَ نفسَهُ بالخير: وصفَها به، وانتَعَتَ: اتّصفَ، ونَعُتَ الرجلُ بضمّ العين: إذا كان النعت له خِلْقةً، قاله الفيّوميّ (٤)، وقوله: (مِنْ حُسْنِهَا) أي: لأجل شدّة حسنها، فهو تعليلٌ لعدم استطاعة نعتها (فَأَوْحَى اللهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى) وفي نسخة: "فأوحى إليّ ما أوحى"، أي: الذي أوحاه، وأبهمه أيضًا للتفخيم والتغظيم.


(١) راجع: "الفتح" ٧/ ٢٥٤ "كتاب المناقب" رقم (٣٨٨٨).
(٢) المصدر السابق.
(٣) المصدر السابق.
(٤) "المصباح" ٢/ ٦١٢.