للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وَالْمُسْتَوْشِمَاتِ، وَالْمُتَنَمِّصَات، وَالْمُتَفَلِّجَاتِ لِلْحُسْن، الْمُغَيِّرَاتِ خَلْقَ الله، فَقَالَ عَبْدُ اللهِ) بن مسعود - رضي الله عنه - مجيبًا عن سؤالها: (وَمَا لِيَ) "ما" استفهاميّة، والاستفهام للإنكار، وجوّز الكرمانيّ (١) أن تكون نافيةً، قال الحافظ: وهو بعيد (٢). (لَا أَلْعَنُ مَنْ لَعَنَ) بحذف العائد، وهو جائز في سعة الكلام، كما قال في "الخلاصة":

................................ … وَالْحَذْفُ عِنْدَهُمْ كَثِيرٌ مُنْجَلِي

فِي عَائِدٍ مُتَّصِل إِذا انْتَصَبْ … بِفِعْل أوْ وَصْفٍ كَـ "مَنْ نَرْجُو يَهَبْ"

(رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ في كتَابِ اللهِ) - عَزَّ وَجَلَّ -، فَهِمت المرأة من هذا القول أن لعن المذكورات في الحديث منصوص عليه في القرآن، فلذلك قالت: لقد قرأت … إلخ، (فَقَالَتِ الْمَرْأَةُ: لَقَدْ قَرَأْتُ مَا بَيْنَ لَوْحَيِ الْمُصْحَفِ) المراد باللوحين ما يُجعل المصحف فيه، وكانوا يكتبون المصحف في الرَّقّ، ويجعلون له دَفَّتين من خشب، وقد يُطلق على الكرسيّ الذي يوضع عليه المصحف اسم لوحين، قاله في "الفتح" (٣).

(فَمَا وَجَدْتُهُ، فَقَالَ) ابن مسعود - رضي الله عنه -: (لَئِنْ كُنْتِ قَرَأْتِيهِ لَقَدْ وَجَدْتِيهِ) هكذا النُّسخ بإثبات الياء في الموضعين، وهي لغة، والأفصح حذفها في خطاب المؤنث في الماضي، قاله النوويّ - رَحِمَهُ اللهُ -.

وقال القرطبيّ: وقوله لها: "لئن كنت قرأتيه، لقد وجدتيه" بزيادة ياء هي الرواية، وهي لغة معروفة، فيما إذا اتصل بياء خطاب الواحدة المؤنثة ضمير غائب؛ ويعني بـ "قرأتيه": تدبّرتيه، ووجه استدلاله على ذلك بالآية: أنَّه فهم منها تحريم مخالفة النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فيما يأمر به، وينهى عنه، وأن مخالفه مستحق للعنة، وهؤلاء المذكورات في الحديث مستحقات للَّعنة. انتهى (٤).

(قَالَ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ -: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧])


(١) "شرح الكرمانيّ على البخاريّ" ٢١/ ١٢٦، ونصّه: "استفهام، أو نفي".
(٢) "الفتح" ١٣/ ٤٤٧، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٣١).
(٣) "الفتح" ١٣/ ٤٤٧، كتاب "اللباس" رقم (٥٩٣١).
(٤) "المفهم" ٥/ ٤٤٦.