عليّ - رضي الله عنه - ليلًا، ولم يُؤْذِن بها أبا بكر، قالت عائشة: وكان لعليّ من الناس وجهٌ حياةَ فاطمة، فلما تُوُفِّيت فاطمة انصرفت وجوه الناس عن عليّ، فمكثت فاطمة ستة أشهر بعد النبيّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، ثم توفيت - قال رجل للزهريّ: فلم يبايعه عليّ ستة أشهر؟ قال: ولا أحد من بني هاشم، حتى بايعه عليّ - فلما رأى عليّ انصراف وجوه الناس عنه، ضَرَعَ إلى مصالحة أبي بكر، فأرسل عليّ إلى أبي بكر أن ائتنا، ولا تأتنا معك بأحد، وكَرِه أن يأتيه عمر؛ لِمَا عَلِم من شدّته، فقال عمر: لا تأتيهم وحدك، فقال أبو بكر: والله لآتينهم، وما عسى أن يصنعوا بي؟ فانطَلَق أبو بكر، فدخل على عليّ، وقد جَمَع بني هاشم عنده، فقام عليّ، فحَمِد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثمَّ قال: أما بعدُ فإنه لَمْ يمنعنا أن نبايعك يا أبا بكر إنكارًا لفضيلتك، ولا نَفَاسَةً عليك لخير ساقه الله إليك، ولكنا كنا نُرَى أن لنا في هذا الأمر حقًّا، فاستبددتم به علينا، ثم قال: ثم ذكر قرابتهم من رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وحقهم، فلم يزل عليّ يذكر ذلك حتى بكى أبو بكر، فلما سكت عليّ تشهّد أبو بكر، فحمد الله، وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال: أما بعد، فوالله لقرابة رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحبَّ إليّ أن أصل من قرابتي، وإني والله ما أَلَوْتُ في هذه الأموال التي كانت بيني وبينكم على الخير، ولكني سمعت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول:"لا نورث، ما تركنا صدقةٌ، إنما يأكل آل محمد من هذا المال"، وإني والله لا أدع أمرًا رأيت رسول الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصنعه فيه إلَّا صنعته، إن شاء الله، قال عليّ: موعدك العشية للبيعة، فلما صلى أبو بكر الظهر أقبل على الناس بوجهه، ثم عَذَرَ عليًّا ببعض ما اعتذر به، ثم قام عليّ، فعَظَّم من حقّ أبي بكر، وذكر من فضيلته، وسابقته، ثم مضى إلى أبي بكر فبايعه، فأقبل الناس إلى عليّ، فقالوا: أصبت، وأحسنت، قالت عائشة: فكان الناس قريبًا إلى عليّ، حين راجع الأمر، وقال أحدهما: قارب الأمر والمعروف. انتهى (١).
وبالسند المتّصل إلى المؤلّف - رَحِمَهُ اللهُ - أوّل الكتاب قال: