للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

للاستفهام، و"ما" اسم بمعنى حقّ، وموضع "ما" نصب على الظرفيّة، فالمعنى "أحقًّا" (١).

فالمعنى هنا: حقًّا بشّرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أو أحقًّا بشّرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟، والاستفهام للتقرير.

(بَشَّرَكَ) بتشديد الشين المعجمة، ويجوز تخفيفها، قال الفيّوميّ: وبَشَرَ يتعدّى بالحركة، فيقال: بَشَرته أَبْشُرُهُ بَشْرًا، من باب قَتَلَ في لغة تهامة، وما والاها، والاسم منه بُشْرٌ، بضم الباء، والتعدية بالتثقيل لغة عامّة العرب، وقرأ السبعة باللغتين، واسم الفاعل من المخفّف بَشِيرٌ. انتهى (٢). (رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكَذَا؟، أَمَا بَشَّرَكَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِكَذَا؟) كرّره ليزداد استبشاره، وتستأنس نفسه، فيزول حزنه، وفي رواية أحمد المذكورة: "فقال له: قد كنتَ على خير، فجعل يُذكّره صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفتوحه الشام، فقال له عمرو: وتركتَ أفضل من ذلك كلّه، شهادة أن لا إله إلا الله … ".

(قَالَ) ابن شِماسة (فَأَقْبَلَ بوَجْهِهِ) أي توجّه عمرو - رضي الله عنه - إليهم بعد أن حوّل وجهه إلى الجدار (فَقَالَ: إِنَّ أَفْضَلَ مَا نُعِدُّ) بضمّ أوله، وكسر ثانيه، من الإعداد: أي إن أفضل العمل الذي نهيّئه للقاء الله تعالى (شَهَادَةُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ) أي الإيمان بالله تعالى، وتوحيده، وتصديق رسوله - صلى الله عليه وسلم -، والنطق بذلك؛ لأنه أفضل الأعمال؛ فقد تقدّم أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - سئل: أيّ العمل أفضل؟ قال: "إيمان بالله ورسوله"، وليكون خاتمةَ أمره، وآخرَ كلامه قولُ: "لا إله إلا الله"، فقد أخرج أحمد، وأبو داود في "سننه" بإسناد حسن، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من كان آخر كلامه، لا إله إلا الله، دخل الجنة" (٣).

(إِنِّي كُنْتُ عَلَى أَطْبَاقٍ ثَلَاثٍ) أي على أحوال، ومنازل، ومنه قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (١٩)} [الانشقاق: ١٩] أي حالًا بعد حال، وأنّث ثلاثًا مع


(١) راجع: "مغني اللبيب" ١/ ٥٥.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٤٩.
(٣) حديث صحيح، أخرجه أحمد في "مسنده" رقم (٢١٥٢٩ و ٢١٦٢٢)، وأبو داود في "سننه" رقم (٣١١٦).