للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

(فَمَنْ زَادَ) أي: أعطى الزيادة، وقدّمه لأن الأمر باختياره أوّلًا (أَوِ ازْدَادَ) أي: أخذ الزيادة، قال الفيّوميّ رحمه الله: زَادَ الشيء يَزِيدُ زَيْدًا، وزَيادَةً، فهو زَائِدٌ، وزِدْتُهُ أنا، يُسْتَعْمَل لازمًا ومتعديًا، ويقال: فَعَل ذلك زِيادَةً على المصدر، ولا يقال: زَائِدَةٌ، فإنها اسم فاعل من زَادَتْ، وليست بوصف في الفعل، وازْدَادَ الشيءُ، مثلُ زَادَ، وازْدَدْتُ مالًا زِدْتُهُ لنفسي زِيادَةً على ما كان، واسْتَزَادَ الرجل طلب الزيادة، ولا مُسْتَزَادَ على ما فعلتَ؛ أي: لا مَزِيدَ، وفي الحديث: "مَنْ زَادَ، أَوْ ازْدَادَ، فَقَدْ أَرْبَى"، فقوله: "زَادَ"؛ أي: أَعْطَى الزيادةَ، أو ازْدَادَ؛ أي: أخذها، وفي حديثي أبي سعيد، وأبي هريرة -رضي الله عنهما- الآتيين بعده: "فمن زاد، أو اسْتَزَادَ"، والمعنى: أو سأل الزيادة، فأخذها، وعليه حديث عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه-: "وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَني". انتهى (١).

(فَقَدْ أَرْبَى) يقال: أربى الرجل بالألف: إذا دخل في الربا، والمراد أنه أكل الربا، فيدخل تحت الوعيد الوارد في آكل الربا، يعني أن الربا لا يتوقّف على أخذ الزيادة فقط، بل يتحقّق بإعطاء الزيادة أيضًا، فكلّ من المعطي والآخذ عاصٍ، وقال النوويّ رحمه الله: معناه: فَعَل الربا المحرّم، فدافع الزيادة، وآخذها عاصيان مربيان. انتهى (٢).

وقال القاري: "فقد أربى؛ أي: أوقع نفسه في الربا، وقال التوربشتيّ رحمه الله؛ أي: أتى الربا وتعاطاه، ومعنى اللفظ: أخذ أكثر مما أعطاه، من ربا الشيءُ يربو: إذا زاد، قال الطيبيّ رحمه الله: لعل الوجه أن يقال: أتى الفعلَ المحرَّمَ؛ لأن من اشترى الفضة عشرة مثاقيل بمثقال من ذهب، فالمشتري آخذ للزيادة، وليس بربا. انتهى (٣).

(فَرَدَّ النَّاسُ مَا أخَذُوا) أي: ما أخذوه من آنية الفضّة بسبب الشراء بالأجل، قال النوويّ: هذا دليل على أن البيع المذكور باطل (فَبَلَغَ ذَلِكَ) أي: ردّ الناس بيعهم بسبب ما حدّث به عبادة -رضي الله عنه- (مُعَاوِيةَ) -رضي الله عنه- (فَقَامَ خَطِيبًا، فَقَالَ: ألَا) أداة استفتاح وتنبيه (مَا) استفهاميّة (بَالُ) أي: حال (رِجَالٍ يَتَحَدَّثُونَ


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٦١.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ١٣.
(٣) "مرقاة المفاتيح" ٦/ ٤٥.