للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

معاوية -رضي الله عنه- قد جَهِل ذلك مع صحبته، وكونه من كُتَّاب الوحي، ويَحْتَمِل أن يقال: إن معاوية كان لا يرى ربا الفضل كابن عباس وغيره، والأول أظهر من مساق هذا الخبر، فتأمل نصَّه؛ فإنَّه صريح: في أن معاوية لم يكن علم بشيء من ذلك. انتهى (١).

(فَبَلَغَ عُبَادَةَ بْنَ الصَّامِتِ) -رضي الله عنه- (فَقَامَ) عبادة (فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- يَنْهَى عَنْ بَيْعِ الذَّهَبِ بِالذَّهَبِ، وَالْفِضَّةِ بِالْفِضَّةِ، وَالْبُرِّ بِالْبُرِّ، وَالشَّعِيرِ بِالشَّعِيرِ) قال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: فيه دليل على أنهما نوعان مختلفان؛ كمخالفة التمر للبُرِّ؛ وهو قول الشافعيّ، وأبي حنيفة، والثوريّ، وابن عُلّيَّة، وفقهاء أهل الحديث، وذهب مالك، والأوزاعيّ، والليث، ومعظم علماء المدينة، والشام إلى أنهما صنف واحد، وهو مرويّ عن عمر، وسعيد، وغيرهما من السَّلف متمسكين، بتقاربهما في المنبت، والمحصد، والمقصود؛ لأن كل واحد منهما في معنى الآخر، والاختلاف الذي بينهما إنما هو من باب مخالفة جيِّد الشيء لرديئه. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الأولون من أن البرّ والشعير صنفان، لا صنف واحد هو الأرجح عندي؛ بدليل العيان والمشاهدة، والله تعالى أعلم.

(وَالتَّمْرِ بالتمْرِ، وَالْمِلْحِ بِالْمِلْحِ) بكسر، فسكون، يذكّر، ويؤنّث، قال الصغانيّ: والتأَنيث أكثر، واقتَصَر الزمخشريّ عليه، وقال ابن الأنباريّ: الملح مؤنّثةٌ، وتصغيرها مُليحة، والجمع: مِلاح بالكسر، مثلُ بِئر وبئار. انتهى (٣).

وقال القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: لم يُختَلَف في جريان الربا في هذه الأصناف الستة، لكن هل تعلُّق حكم الرِّبا باسمائها أم بمعانيها؟ فأهل الظاهر قصروه على أسمائها، فلا يجري الرِّبا عندهم في غير هذه الأصناف الستة، وفقهاء الأمصار من الحجازيين وغيرهم رأوا: أن ذلك الحكم متعلق بمعانيها، وتمسَّكوا في


(١) "المفهم" ٤/ ٤٧٣.
(٢) "المفهم" ٤/ ٤٧٤ - ٤٧٥.
(٣) راجع: "المصباح المنير" ٢/ ٥٧٨.