للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

فإنه لا منافاة بينه وبين القواعد حتى لو كانت القيمة مجهولة، فإن في صحّة العقد بالشرط المذكور وجهًا عند الشافعيّة.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا ظاهر في تأييد ما قاله المجيزون، لا ما قاله المانعون، فتأمّله بإنصاف.

قال: وقال آخرون: قوله: "أعتقها، وتزوّجها" معناه: أعتقها، ثم تزوّجها، فلما لم يَعلم أنه ساق لها صداقًا، قال: أصدقها نفسها؛ أي: لم يُصدقها شيئًا فيما أَعلَمُ، ولم يَنف أصل الصداق، ومن ثمّ قال أبو الطيّب الطبريّ من الشافعيّة، وابن المرابط من المالكيّة، ومن تبعهما: إنه قول أنس، قاله ظنًّا من قِبَل نفسه، ولم يرفعه.

قال الجامع عفا الله عنه: وهذا سوء أدب من قائله؛ فإن أنسًا - رضي الله عنه - من أهل اللسان يعرف مقاصد الشريعة أكثر مما يعرفه هذا القائل، ففهمه يُقدّم على فهمه، فتأمل بالإنصاف، ولا تكن أسير التقليد، والله تعالى وليّ التوفيق.

قال: وربّما تأيّد ذلك عندهم بما أخرجه البيهقيّ من حديث أُميمة - ويقال: أمة الله - بنت رزينة، عن أمها: "أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أعتق صفيّة، وخطبها، وتزوّجها، وأمهرها رزينة، وكان أُتي بها مَسبيّة من قريظة، والنضير".

وهذا لا يقوم به حجةٌ؛ لضعف إسناده. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا من أغرب ما يتّفق لمثل الحافظ، كيف يقول: وربما تأيّد إلخ، مع أنه اعترف بأنه لا تقوم به حجة، إن هذا لهو العُجاب، والله تعالى المستعان.

قال: ويعارضه ما أخرجه الطبرانيّ، وأبو الشيخ من حديث صفيّة نفسها، قالت: "أعتقني النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وجعل عتقي صداقي".

وهذا موافقٌ لحديث أنس. وفيه ردٌّ على من قال: إن أنسًا قال ذلك بناءً على ما ظنّه. وقد خالف هذا الحديث أيضًا ما عليه كافّة أهل السير أن صفيّة من سبي خيبر.

ويَحْتَمِل أن يكون أعتقها بشرط أن ينكحها بغير مهر، فلزمها الوفاء بذلك، وهذا خاصّ بالنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، دون غيره.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: فيه أن هذا التأويل يردّه قولها: "وجعل