للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

٥ - (ومنها): مشروعيّة قتال الخوارج، سواء قلنا: إنهم مرتدّون عن الإسلام، أو قلنا: إنهم بُغَاة، خرجوا على أهل العدل.

٦ - (ومنها): أن فيه عَلَمًا من أعلام النبوّة، قال القرطبيّ رحمه الله: هذا منه -صلى الله عليه وسلم- إخبار عن أمرٍ غيبٍ، وقع نحوَ ما أخبر عنه، فكان دليلًا من أدلّة نبوّته -صلى الله عليه وسلم-، وذلك أنهم لَمّا حَكَموا بكفر مَن خَرَجُوا عليه من المسلمين، استباحوا دماءهم، وتركوا أهل الذّمّة، وقالوا: نفي بذمّتهم، وعَدَلُوا عن قتال المشركين، واشتغلوا بقتال المسلمين عن قتال المشركين.

وهذا كلّه من آثار عبادات الجهّال الذين لم يشرح الله صدورهم بنور العلم، ولم يتمسّكوا بحبل وثيق، ولا صَحِبهم في حالهم ذلك توفيق، وكفى بذلك أن مُقَدَّمهم ردّ على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمره، ونَسَبَه إلى الْجَوْر، ولو تبصّر لأبصر عن قرب أنه لا يُتَصَوَّر الظلم والْجَوْر في حقّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كما لا يُتصوّر في حقّ الله تعالى؛ إذ الموجودات كلّها ملكٌ لله تعالى، ولا يستحقّ أحد عليه حقًّا، فلا يُتصوّر في حقّه شيءٌ من ذلك، والرسول مُبلّغٌ حكمَ الله تعالى، فلا يُتصوّر في حقّه من ذلك ما لا يتصوّر في حقّ مُرْسِلِه.

ويكفيك من جهلهم، وغُلُوّهم في بدعتهم حكمُهُم بتكفير مَن شهد له رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بصحّة إيمانه، وبأنه من أهل الجنّة، كعليّ، وغيره، من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، مع ما وَقَعَ في الشريعة، وعُلم على القطع والثبات من شهادات الله، ورسوله لهم، وثنائه على عليّ، والصحابة عمومًا وخصوصًا. انتهى كلام القرطبيّ رحمه الله (١)، وهو بحث نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

٧ - (ومنها): ما قال ابن هُبيرة رحمه الله: إن قتال الخوارج أولى من قتال المشركين، والحكمة فيه أن في قتلهم حفظ رأس مال الإسلام، وفي قتال أهل الشرك طلب الربح، وحفظُ رأس المال أولى.

٨ - (ومنها): التحذير من الغلوّ في الديانة، والتنطّع في العبادة، وقد وَصَف الشارع الشريعة بأنها سهلة سمحة، وإنما ندب إلى الشدّة على الكفّار، والرأفة بالمؤمنين، فعكس ذلك الخوارج، فقتلوا المؤمنين، وتركوا الكفّار.


(١) انظر: "المفهم" ٣/ ١١٤ - ١١٥.