للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقوله: (إِنَّ ابْنَ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ) أي فيما يَرْجع إلى المناظرة والتعاون، ونحو ذلك، وأما بالنسبة إلى الميراث ففيه نزاع بين العلماء.

قال النوويّ رحمه اللهُ: استَدَلّ بهذا الحديث من يُوَرِّث ذوي الأرحام، وهو مذهب أبي حنيفة، وأحمد، وآخرين، ومذهب مالك، والشافعيّ، وآخرين أنهم لا يَرِثون، وأجابوا بأنه ليس في هذا اللفظ ما يقتضي توريثه، وإنما معناه أن بينه وبينهم ارتباطًا، وقرابةً، ولم يتعرض للإرث، وسياق الحديث يقتضي أن المراد أنه كالواحد منهم في إفشاء سرّهم بحضرته، ونحو ذلك، والله أعلم. انتهى (١).

وقال الطيبيّ رحمه اللهُ: "مِنْ" في قوله: "منهم" اتصالية؛ أي ابن الأخت متصل بأقربائه في جميع ما يجب أن يتصل به، من التولي، والنصر، والتوريث، وما أشبه ذلك، وهو نحو قوله تعالى: {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ} الآية [الأحزاب: ٦]؛ أي في أحكامه، وفرائضه، والكتاب كثيرًا ما يجيء بمعنى الفريضة، واستَدَلّ به أصحاب أبي حنيفة رحمه اللهُ على توريث ذوي الأرحام، ويؤيّده ما رواه أحمد، وأصحاب السنن عن المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه - مرفوعًا: "والخالُ وارث من لا وارث له"، قال الترمذيّ: حديث حسنٌ صحيحٌ، وهو كما قال (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: القول بتوريث ذوي الأرحام -كما هو مذهب أبي حنيفة، وأحمد رحمهما الله تعالى- هو الأرجح عندي؛ لحديث المقدام - رضي الله عنه - المذكور، فتأمله، والله تعالى أعلم.

وقوله: (حَدِيثُ عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ) قال في "الفتح": كذا وقع بالإفراد في "الصحيحين"، والمعروف: "حديثو عهد"، وكتبها الدمياطيّ بخطّه: "حديثو عهد"، وفيه نظر، وقد وقع عند الإسماعيليّ: "أن قريشًا كانوا قريب عهد". انتهى (٣).

والجاهليّة هي ما كانوا عليه قبل الإسلام؛ أي كانوا قريب زمن بكفر.


(١) "شرح النوويّ" ٧/ ١٥٢.
(٢) راجع: "مرقاة المفاتيح" ١١/ ٣٥٩ - ٣٦٠.
(٣) "الفتح" ٩/ ٤٦٧ "كتاب المغازي" رقم (٤٣٣٤).