للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

العويصة الخاصة بالرياضيات والفلسفة والعلوم الطبيعية، وعن طريق هذه الأسئلة أظهر القيصر له كل احترام وتقدير ولم يدر حديث ما عن المعاهدة والاتفاقية.

والواقع أن تنفيذ الاتفاقية والاستيلاء على القدس يحل العقدة المستحكمة، وهذا كان رأي فريدريش والمخلصين له من حوله، وتخليصه من الحرمان من الكنيسة، فقد ذهبت العداوة المستحكمة بين البابا والقيصر فريدريش الثاني حدًا بعيدًا، واستولت على البابا فكرة تافهة وهي وجوب العمل لإحباط محاولة القيصر في سبيل الحصول على القدس، هذه المهمة التي انتقل من أجلها من روما. وكان كل أمل البابا أن يعود فريدريش بخفي حنين ذليلا لا يتردد في تقديم فروض الولاء والطاعة البابا. والشيء الجدير بالذكر أنه ضبطت خطابات موجهة من البابا إلى السلطان العربي حاكم الوثنيين (! ) يرجوه فيها عدم التنازل عن الأراضي المقدسة لفريدريش الثاني.

أما لعبة السؤال والجواب فقد جاءت علاوة على اللذة العقلية للحاكمين بأحسن النتائج، فقد كان الأمير فخر الدين هو الذي يجيء إلى السلطان بقائمة تحتوي على إجابات علمية هامة جدًا، وهو الذي كان يتوجه إلى القيصر لفي معسكره، فقد كان فريدريش الثاني يقاسمه الخيمة والأفكار، إن فخر الدين كان صديقه العربي الحميم.

لماذا تنشب حرب وهي بغيضة لدى الطرفين: القيصر فريدريش الثاني والسلطان الكامل؟ لماذا يتحارب الاثنان وهما على مستوى رفيع جدًا من الثقافة؟ إن الفرصة سانحة وبخاصة بعد أن أريقت دماء كثيرة من الجانبين لإحلال السلام والصفاء بين الشرق والغرب؟

وأمام حسن النية التي أبداها القيصر لم يسع فخر الدين إلا أن يقر القيصر على رأيه وحبه للسلام، وهكذا استطاع فخر الدين أن يحل العقدة الأولى. وعوضًا عن كبير الأمناء القيصري الأرعن والذي أثار غضب السلطان يجب أن يسند القيصر المفاوضات إلى الجراف «فون أكوين» عوضًا عن ذلك الأرعن، وهذا الجراف قد تعلم العربية في صقلية، كما أتقن الطريقة الإسلامية في المخاطبة وحسن معاملة الناس.

<<  <   >  >>