للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

وقد حرمه البابا من الكنيسة وطارده حساده وأعداؤه الرومانيون، ومن القيصر لم يلق إلا الشقاء والاضطهاد لأنه كان عدوه اللدود. وهكذا انهار الرجل حزينًا وحيدًا. إنه ابن الفلاح التوسكاني الذي سمي لوقت قصير جريجور السابع ولقبه أحد أتباعه بلقب: «الشيطان المقدس».

وقد عاش قنسطنطين بعد جريجور عامين فقط، وبينما كان يهوى نجم هذا ظهر نجم آخر سطع وتلألأ، وذلك نجم هذا المؤلف الذي وضع كثيرًا من الكتب إبان إقامته في جبل كاسينو، وكانت هذه الكتب تنحدر إلى الوادي فترسل ضوءها ساطعًا إلى سكان مدينة سالرنو.

نعم إن هذه الكتب دونت في لغة لاتينية ركيكة إلا أن محتوياتها كانت قيمة جدًا، فهي تعالم أمراض العيون والجراحة والكيمياء والغذاء وأمراض البول والحمى. وما أعظم المهارة التي أبداها عندما دون الكتاب الأصلي زاد المسافر «فياتيكوم»، وكتابه الهام الرئيسي الذي يحوي جميع فنون الطب والمسمى «ليبر بنتيجني». فما أعظم العبقرية!

إن هذه الشهرة دامت أربعين عامًا كاملا.

ومن ثم قد فضح أمر هذا الرجل الذي ولد في قرطاجنة وثبت أنه لم يكن عالمًا بل تاجرًا خبيرًا، فقد استطاع أن يستغل خبرته التجارية هذه استغلالا عظيمًا فأقبل على البضاعة القديمة ولفها في رق جديد مضللا المشترين، فالذي حدث أن الحروب الصليبية عرفت بعض الأوربيين بالشرق ثقافة ولغة وتجارة. كما أن المواد التي تخصص فيها قنسطنطين لم تعد غير قابلة للمنافسة فقد ظهر في السوق منافسون له. ففي اللحظة التي قرر فيها الطبيب اللومباردي إسطفان أحد أبناء مدينة بيزا إنقاذ ما يمكن إنقاذه في أنطاكية من كتب العلوم الطبية وتقديم هذه الكتب إلى أوربا المسيحية أخذت شهرة قنسطنين في أوربا تتوارى وتخبو.

وبينما نجد في عام ١١٢٧ إسطفان يترجم إلى اللاتينية الكتاب الكامل في الطب والمعروف باسم الكتاب الملكي الذي ألفه علي بن عباس تبين إسطفان حقيقة هذه

<<  <   >  >>